للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شباب مشغولون بالترحال والسفر]

وفريق من الشباب مشغولون بالترحال، كأن الواحد منهم مجبور ومكتوب عليه، ومكلف أن يجوب أقطار الدنيا، أمن أجل الدعوة إلى الله؟! من أجل تبليغ دعوة التوحيد؟! من أجل محاربة البدع؟! من أجل نصرة المظلوم؟! من أجل الشفاعة للمحتاجين؟! لا.

من أجل برج على جبل، وبحيرة تحت جبل، وسهل أخضر، وحيوانات غريبة، وحدائق عجيبة، وجسور معلقة، وعمائر شاهقة، وطرق، أحوال وأحوال لشباب لا همَّ لهم إلا السفر والترحال، الأربعاء والخميس والجمعة لا يفوتها، لابد من السفر، فإن لم يستطع السفر إلى بلاد أوروبية أو شرق آسيا كان سفره إلى بلاد خليجية.

وأما الإجازات الرسمية فلا تسل عن إهماله لأولاده، أو إخوانه ومن هم في بيته من أجل أن يقضي هذه الأيام في السفر، والعجب -أيها الأحبة- أن بعض هؤلاء الذين يسافرون يخادعون أنفسهم بدعوى السياحة، ويخادعون أنفسهم بدعوى اكتساب المعرفة وجمع المعلومات، فلا أحد منهم يقول: إني مسافر للخنا والزنا، ولا أحد منهم يقول عن نفسه: إنه مسافر إلى الفساد والفاحشة، بل إن أحد المدرسين بالأمس أخبرني عن واحد من الذين منَّ الله عليهم بالتوبة والاستقامة، وهو يعرف عن نفسه كثرة السفر لأجل الفاحشة ولا حول ولا قوة إلا بالله! يقول: ما تجرأت يوماً لأقول لنفسي في كل سفرة: إني مسافر إلى الزنا أو إلى الفاحشة، قال: وفي طريقي إلى المطار تنتابني شكوك ومخاوف أن تنقلب السيارة، أو أن أصطدم بأخرى، أو أن أصاب بحادث، وحينما تقلع الطائرة تنتابني شكوك ومخاوف أن تسقط الطائرة، فإذا نزلت إلى البلاد وإلى محط عصا الترحال بدأت بفعل ما قد عقدت الفعل عليه، ووقعت فيما حرم علي.

وطائفة قد شغلوا بالمخدرات، وغيبوا عقولهم عن واقعهم باختيارهم.

كل تلك مشاغل، والواحد منهم لو قلت له: اجلس، قال: إني مشغول، ولو دعوته لطعام قال: ألا تفهم إني مشغول.