للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض وسائل توجيه النشء]

لا بد أن ننتبه إلى مسائل في توجيه النشء: وهو استخدام الحوار والمناقشة، وليس أسلوب التجريح:- قد يكون الولد ارتكب الخطأ لأول وهلة وهو لا يعلم أنه خطأ (ليس المرء يولد عالماً) وإنما يتعلم ممن حوله، كثير من الأبناء يرتكبون أخطاء لا يعلمون أنها أخطاء، فما يمكن أن تبدأه بالسب والشتم والضرب وغير ذلك، بل للأسف أن بعض الآباء ربما سب ولده ولعنه وشتمه وشتم والديه، وشتم أهله وأمه وأهل أمه، هذه والعياذ بالله من الموبقات المهلكات.

كذلك في التربية الطيبة: المشاركة الأسرية:- لا بد أن يكون لهذا الطفل شيء من الدور في البيت، تكلفه بمسئولية صغيرة، تجعله يقوم بعمل، قد يكون الطفل يحب أن يجلس معك وأنت في مكتبك، ليس هناك مانع، أعطه أوراقاً وقل له: صف هذه فوق بعض، ابحث له عن درج كتب، وقل له: انقل هذه الكتب من ذا المكان إلى ذا المكان، وإذا أكمل أعطه جائزة، ابحث له عن شغل معين وإن كنت ستفعلها ثانية، لكن كونه يأتي وأنت مشغول فتقول له: هيا انقلع، يا ولد، لا أرى وجهك، تعالي يا أمه خذيه لا يشغلنا، هو يريد أن يتعلم شيئاً منك، يريد أن يأنس بك، يريد أن يستفيد من تصرفاتك، سوف يقلدك فيما تفعل، الصغير يقلد الكبير، أعطه قلماً وورقة فارغة وقل له: اكتب، ارسم، دعه يجلس معك قليلاً، يألفك ويأنس بك ويسمع منك، وبين الفينة والأخرى ابتسامة، قبلة لهذا الصغير، توجيه، كلمة طيبة، وكما قلت: ما أثر أحدٌ على ولده بشيء كتأثير الأب على ولده بالحب، الإقناع أن هذا الولد محبوبٌ له مكانة، ومنزلة عند والده بإذن الله سبحانه وتعالى ينفعه.

- ثم هنا مسألة وهي: المصارحة:- المنكرات التي تشيع في مجتمع من المجتمعات، لا بد أن نصارح الأبناء بها.

مثلاً: في مجتمع من المجتمعات، يسمع الإنسان أنه يكثر فيه المخدرات، لا بد أنك تأتي بالولد وتقول له: يا ولدي، هناك شيء اسمه المخدرات، وتصارحه، المخدرات أصنافٌ وأشكال وهي: كذا وكذا وكذا، وتسبب للإنسان جنوناً وهستيريا وسهراً، ومن علاماتها كذا، والذين يوقِعون الناس في المخدرات من أساليبهم: تجد واحداً ما يعرفك ويهديك شيئاًَ، يبدأ يهديك قلماً، أو يعطيك شراباً ما تدري ما هو، لا بد أن تغرس في نفسه جانب الخوف والحذر، ليس الخوف من كل شيء، بل الخوف من الأشرار أو على الأقل الحذر، الخوف من المنكر ذاته والحذر من أصحابه، فذلك أمرٌ مطلوب.

كذلك مصارحة الأم للبنت: يا بُنية! ذُكِر أن فتاة لعبت بالهاتف، وكان نهايتها أنها هُدِّدت بالفضيحة، ثم خرجت مع هذا الذي غازلها بالهاتف، ثم قتلها، وفعل بها، لا بد من التخويف، لا بد من المصارحة لأي مشكلة ظهر أنها انتشرت أو ظهرت، أو فشت في مجتمعٍ ما.

بعض الأبناء مساكين لا يعرف شيئاً اسمه: اللواط، وهو قد يوجد في بعض المجتمعات والعياذ بالله، وقد ينتشر.

فما الذي يمنع أن الأب يحذر: يا ولدي هذه من المعاصي التي خسف الله بها قوماً وعذبهم، وأرسل إليهم جبريل وجعل عالي قريتهم سافلها، وحصل كذا كذا، هذه الجريمة القبيحة التي فيها وفيها وفيها، لا بد أن يُحَذَّر منها، ويُبَغَّض إلى نفسه فعلُها، ويُحَذَّر منها قبل أن تبدأ عنده كوامن الشهوة والغرائز وغير ذلك، من أجل ماذا؟ من أجل أن لا تفعل به وهو لا يدري، وللأسف بعض الناس يقول: لا، هذا لا يعرف شيئاً، أنا ما أقول لك: ابدأ بشرح المنكرات له؛ لكن إذا كنت في مجتمعٍ وعلمت بذلك، يعني: بعض المدارس للأسف كما يخبرني بعض المديرين فيها أنه وجد أطفالاً معهم مخدرات، أليس من حق الناشئة البقية أن يحذَّروا من المخدرات حتى لا يُعْدِي بعضهم بعضاً؟! بعض المدارس وقع فيها بعض الأطفال في مثل هذه الانحرافات الخُلُقية! أليس من حقهم أن يحذروا من مثل هذه الأمور؟! فلا بد أن يُلْتَفَتَ إلى ذلك وبأسلوب المصارحة، وبحسن التوجيه، وبالكلمة الطيبة، والعبارة الرقيقة كما قلت، فذلك بإذن الله ينفع نفعاً عظيماً.

أسأل الله أن يجعل لنا ولكم من ذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين أئمة.

ونسأله سبحانه أن لا يرينا في ناشئتنا وأولادنا وبناتنا سوءاً ولا مكروهاً ولا عاراً ولا كريهة يا رب العالمين.

نسأل الله أن يجمعنا وذرياتنا وإياكم في جنات النعيم.

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تجعل هذا الاجتماع خالصاً لوجهك؛ في موازين أعمالنا يوم نلقاك.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ودمر أعداء الدين.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا واحفظ اللهم ولاة أمورنا، واجمع اللهم شملنا، وحكامنا وعلماءنا، ولا تفرِّح علينا ولا بنا عدواً، ولا تُشْمِت بنا حاسداً.

اللهم من أراد بولاة أمرنا وعلمائنا شراً وفتنة ومكيدة، اللهم فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.

اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.