للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لابد من صرف الجهود في دعوة السود في أمريكا]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة! إن قضية من القضايا المهمة والخطيرة في تلك البلاد، ومن الأمور التي ينبغي أن تصرف كثير من جهود الدعاة والغيورين إليها؛ ألا وهي قضية السود في أمريكا هذه طائفة أغلب المسلمين منها، وطائفة قريبة للإسلام، ويسمون أنفسهم بالمسلمين الأفارقة في عودة وبحث جاد عن الجذور، ما الذي جاء بأولئك إلى أمريكا، وقد ألف كتاب اسمه الجذور وكان قد لقي رواجاً عظيماً بينهم، يخبر المسلمين السود هناك بأنهم جاءت بهم السفن والأساطيل والبواخر الغربية إلى بلاد الغرب، وهناك عملوا سخرة وأذلاء واستعبدوا لبناء كثير وإنجاز كثير من خط البنية أو أسس التنمية هناك.

ثم بعد ذلك لا يجدون لأنفسهم مكاناً، بل ويجدون عنصرية واحتقاراً وازدراءً، حتى إن بعض المطاعم مثلاً يكتب عليها "ممنوع دخول الزنوج والكلاب" وبعضهم ربما سمحوا للكلاب ولم يسمحوا لهؤلاء بذلك، فهم يكرهون البيض، الكثير منهم يكرهون البيض.

الأمر الآخر: أنهم يجدون من البيض احتقاراً.

الأمر الثالث: أنهم يريدون أن يلتفوا على كيان واحد واجتماع واحد، كانت هذه القضية قد أشغلت فكر رجل اسمه أليجا محمد، وأصل اسمه: علي جاه محمد، هذا الرجل يقال إنه اعتنق الإسلام، ولكنه خبط وضل ضلالاً بعيداً حتى ادعى النبوة ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم بعد ذلك ظهر من أتباعه رجل اسمه مالكم إكس هذا الرجل حج وزار المملكة منذ سنين، ثم بعد ذلك ظهر له أن قيادة السود تحت ذلك الرجل المسمى أليجا محمد أنها في ضلال وخبال، ونسبت أمور كثيرة ليست من الإسلام إليه، فالذي حصل منه أن انشق عنه وخرج عن خطه وتحسن شيئاً كثيراً.

ثم بعد ذلك استطاع بمنّ من الله وفضل ولدٌ لهذا الرجل الذي اسمه أليجا محمد واسمه وارث الدين محمد هو الذي قاد الحملة ضد أبيه، ومن نعم الله أن من قاد الحملة ضد ذلك الرجل هو ولده إذ لو قادها رجل آخر مثلاً من البيض أو من طائفة أخرى لقالوا: مكيدة أو مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين، فلما بين ذلك الابن ضلال أبيه وفساد منهج أبيه ترك الكثير من السود تلك الضلالات وعادوا إلى إسلام صحيح، هذا الرجل يتبعه قرابة المليون ونصف المليون ممن يهتمون بالإسلام على منهج صحيح، ولكن لقلة الدعاة وقلة العلم وقلة الإمكانيات تجد عندهم أخطاء كثيرة.

وإني أنصح من يهتم بالإسلام في الغرب أن يركز على السود تركيزاً عظيماً فإني أرى أنه سيكون لهم شأن بعد عشرين إلى ثلاثين سنة قادمة، سيكون لهم شأن في نشر الإسلام والدعوة إلى الإسلام هناك؛ لأجل ذلك من واجبنا أن نهتم بهم، لهم في الولايات المتحدة ما يقارب ثلاثمائة مسجد في أنحاء مختلفة بين صغير وكبير، ويلقون دعماً من المسلمين خاصة من هذه البلاد جزى الله من أعان على دعمهم ومن بذل في دعمهم خير الجزاء، ولكن لا يزال الدعم أقل بكثير من احتياجاتهم وكفاياتهم، وإننا يوم أن نقول علينا أن نهتم بالسود لا يعني ذلك أن نناصب البيض العداوة أو لا نلتفت إليهم ففي كثير من المراكز عدد من البيض بل ومنهم علماء، وأعرف عدداً منهم أحدهم كان زميلاً لنا في الجامعة اشتغل بالترجمة وتأليف الكتب عن الإسلام نفع الله به الإسلام والمسلمين، ولكن أولئك السود لهم أهمية بالغة وإقبال سريع، وحماس شديد، واستجابة عجيبة، وطواعية أعجب، حينما تؤثر عليهم وتمسكهم بالمنهج الصحيح من الإسلام فإنك ستجني ثمرة ذلك في توطيد الإسلام.

إن المهاجرين يوم أن يبنوا مركزاً -جزاهم الله خير الجزاء وأثابهم ونفع بهم وسددهم وحفظهم وذرياتهم- سيهاجرون يوماً، ولكن أبناء المجتمع الأمريكي الذين هم الأمريكان أصلاً، الذين يحميهم النظام والقانون في بعض القضايا ربما ضغطوا بقوة جنسياتهم ومواطنتهم على القانون فأجبروا هذه البلاد على المشاركة في تحمل شيء من نفقة المسجد أو تحمل شيء من نفقة المعلم، ومن استطاع أن يفقه قانونهم استطاع أن يصل إلى أحكام قانونية عليهم تجعلهم يخدمون الإسلام شيئاً ما.