معاشر المؤمنين: ينبغي أن نتقرب إلى الله في هذه الأيام، مزيداً من التقرب ليس بفعل الطاعات أولاً، بل بترك الذنوب والمعاصي، إن ترك الذنوب والمعاصي أعظم قربة من فعل الطاعات والعبادات، إن ترك الذنوب والمعاصي مع فعل الواجبات أفضل وأحب إلى الله جل وعلا من كثير من النوافل وغيرها.
فترك الذنوب والمعاصي، ترك المخالفات الشرعية التي يتهاون بها كثير من المسلمين، من أعظم أسباب النصر والثبات للأمة، ثم الاجتهاد في الطاعة:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدنَّكُم}[إبراهيم:٧] فلنشكر الله جل وعلا بمزيد من الطاعة، بمزيد من الثناء والحمد والتسبيح والتهليل والتكبير، بمزيد من الأعمال الصالحة.
الدعاء، الدعاء يا عباد الله، نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد أعد ما استطاعه، لما باتت الحرب وشيكةً في بدر أخذ يرفع يديه إلى السماء، ثم يرفعها ويرفعها وتعلو ويرفعها ويقول:(اللهم إن تهلك هذه العصابة، لا تعبد بعد اليوم) ويدعو ربه دعاء المضطر الملح، فيأتيه أبو بكر، ويقول:[يا رسول الله! كفاك مناشدتك ربك، إن ربك منجزٌ لك وعدك] رسولٌ معصومٌ مؤيدٌ بالوحي والمعجزة، ومع ذلك تنتفض يده ويرفعها في السماء، وهو يدعو ربه، ولكن لا غنى له عن الدعاء، فليس لنا غنىً عن الدعاء، فلندع الله جل وعلا أن يثبت أقدامنا، وأن يجمع شملنا، وأن ينصرنا على أعدائنا، ولنكثر من الدعاء أن يؤمننا في أوطاننا، وفي دورنا، وأن يحفظنا في أدياننا وفي أعراضنا وأبنائنا.
أكثروا من الدعاء يا عباد الله، وتتبعوا عجائز المسلمين، الذين لا يعرفون في الصحافة، ولا يعرفون في الإعلام، ولا يعرفون على المنابر، ولا يعرفون في المواقف، لكن لهم أبواب معروفة في وسط الليل، تتبعوا عجائز المسلمين وشيوخ المسلمين، وارعوا أحوالهم، وتفقدوا حاجاتهم، واطلبوا منهم مزيداً من التضرع والدعاء لأمة الإسلام، فإن الدعاء يرفع من البلاء أمراً لا تعلمونه، الدعاء الدعاء:(إن القضاء والدعاء ليعتلجان في السماء فأيهما غلب على الآخر غلب عليه) القضاء قدر ينزل، والدعاء قدر يرتفع، وأقوى القدرين بقدر الله يغلب الآخر، كلها بقدر الله، فاجتهدوا في الدعاء يا عباد الله خاصةً في المساجد، في صلاة الفجر، في صلاة المغرب، في الصلوات كلها، صح في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في المغرب والفجر، وقنوت النوازل أمرٌ مشروع، وأي نازلة أعظم من هذه.
نسأل الله جل وعلا أن يستجيب دعاء المؤمنين، وألا يحجبه بذنوبهم وغفلتهم.