للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيف تنال أجر الدعوة]

أيها الأحبة في الله: إن هداية الآخرين إلى الصراط المستقيم، ودعوة الضلال إلى صراط الله المستقيم مهمة جليلة، هي مهمة الأنبياء، ومهمة الرسل الدعاة، وهي شرفٌ عظيمٌ جداً، فحققوا لأنفسكم منزلةً في هذا الشرف العظيم، واكتبوا لأنفسكم سجلاً في هذا السجل القويم، واحفظوا لأنفسكم ذكراًَ بعد موتكم بالمشاركة بأساليب الدعوة المتوفرة بحمد الله جل وعلا، فلو أن شاباً كان لا يشهد الصلاة مع الجماعة، ورآك مبادراً سباقاً إلى حضورها مع الجماعة، ثم أهديته كتاباً لأي عالمٍ من العلماء الأجلاء الموثوقين المعروفين، أو أهديت له شريطاً -مثلاً- عن هذا الموضوع، أو نشرةً مأذوناً بتوزيعها وطبعها، أو كتيباً أو رسالةً كذلك، فقرأ الكتاب وتمعن الرسالة وسمع الشريط ورأى فعلته، فإنه لا شك يتأثر، وبعد ذلك تنال مثل أجر كل صلاةٍ صلاها في بيتٍ من بيوت الله، فتدخر لنفسك أجوراً وتأتي يوم القيامة وقد رأيت أعمالاً ما عملتها، يقال لك: هذا بفضل الله عليك يوم أن دعيت عباد الله جل وعلا، وليس هذا من عند أنفسنا بدعة، أو من ذواتنا قولاًَ، بل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى، فله أجره، وأجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئا) فما ظنكم برجلٍ يبعث يوم القيامة وقد نفع الله جل وعلا بشريطٍ أو بكتابٍ أهداه أو طبعه، إنه سيجد فائدة عظيمة وثواباً جزيلاً، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو علمٍ ينتفع به) والعلم ليس على الأوراق فقط، بل هو -أيضاً- على الأشرطة، وهو -أيضاً- على كل وسيلة يمكن أن تفيد بها ويمكن أن تنفع بها، وإليكم ضرباً من ضروب أسباب نيل أجر الدعوة إلى الله: لو أن رجلاً ممن أنعم الله عليهم بالمال والثراء اجتهد في طباعة مجموعة من الكتب فوزعها في سبيل الله، وجعلها وقفاً لله تعالى يتداولها المسلمون، فيستفيدون منها، فإنه يأتي يوم القيامة وله أجر كل مصيبٍ في عمله وعبادته، إذا كان ممن استفادوا من هذا الكتاب الذي طبع على نفقته، وأنتم تشهدون بحمد الله جل وعلا كتباً ورسائل عديدة وكثيرة من صدر قيام هذه البلاد إلى يومنا هذا، قد طبعت على نفقة كثيرٍ من الملوك السالفين والأمراء المعاصرين، والعلماء الموجودين، والأثرياء وأرباب المال، يطبعونها ويوزعونها ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، فلكل واحدٍ من أولئك أجرٌ عظيم بسبب من وقع في يده هذا الكتاب فقرأه فأصلح من عمله إن كان على خطأ أو أقلع عن ضلالته إن كان على غواية، إنها أجورٌ ميسرة، وأبوابٌ مفتوحة، وإن الخير كثيرٌ وكثيرٌ جداً في دين الإسلام ولله الحمد والمنة، فمن تأمل هذا الدين، قال: عجباً لمن لا يدخل الجنة! إن كل أمور الدين ميسرة سهلة، وكل أعمال هذا الدين عليها الثواب والجزاء المضاعف بالرحمة والمغفرة والدرجات العلى عند الله، فذلك فضلٌ عظيمٌ وخير قويم، وقديماً قال الشاعر:

عطايانا سحائب مرسلات ولكن ما وجدنا السائلين

وكل طريقنا نورٌ ونورٌ ولكن ما رأينا السالكين

إن أبواب الدعوة مفتوحة، وإن أبواب الخير كثيرة، لكن الكثير من عباد الله عنها في غفلة، نسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليهم بالعودة والتوبة والأوبة والإنابة، والاستغلال لهذه المواسم والخيرات والفرص العديدة.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً وأراد بولاة أمرنا فتنة، وأراد بعلمائنا مكيدة، وأراد بشبابنا ضلالاً، وأراد بنسائنا تبرجاً واختلاطاً، اللهم أرنا به عجائب قدرتك، اللهم أدر عليه دائرة السوء، اللهم اجعل كيده في نحره، وتدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهدِ إمام المسلمين، اللهم اهدِ إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم أيده بتأييدك، واحفظه بحفظك، ووفقه إلى ما يرضيك، ووفقه للعمل بكتابك وسنة نبيك، اللهم قرب له من علمت به خيراً له ولأمته، وجانب وأبعد عنه من علمت به شراً له ولأمته، اللهم اجمع شمله وإخوانه وأعوانه على الحق يا رب العالمين، ولا تفرح علينا ولا عليهم عدواً ولا تشمت بنا ولا بهم حاسداً، وسخر اللهم لنا ولهم ملائكة السماء برحمتك وجنود الأرضين بقدرتك، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا باغياً إلا قطعته، ولا غائباً إلا رددته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحة وهبته بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين، اللم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم من كان منهم حياً، فمتعه بالصحة والعافية، اللهم من كان منهم ميتاً فجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً، ونور اللهم ضريحه، ووسع عليه قبره مدَّ بصره، وافتح اللهم إليه باباً إلى الجنة.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وارضَ اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.