للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذم تعنت الوالدين في الطاعة]

واعلموا معاشر المؤمنين إن من الآباء والأمهات من يتعنتون على أولادهم في حق طاعتهم تعنتاً شديداً، يصل في بعض الأحيان إلى أمر الولد أن يطلق زوجته، أو أن يفارق جلساءه الصالحين، أو أصدقاءه الطيبين، وألا يخالطهم أبداً، فهذا معاشر الآباء تشددٌ وتعسفٌ في باب الطاعة والبر، فما المصلحة لأبٍ أو أمٍ كرها زوجة ابنهما لغير سببٍ وجيه فأمراه بطلاقها؟! أيريدون أن يجنوا على زوجته المسكينة حتى إذا طُلقت عاشت دهرها أيماً لا زوج لها؟ وقد يجران البلاء والشقاء لولدهما في الحصول على زوجةٍ جديدة قد توافقه وقد لا توافقه، وقد كان قرير العين بزوجته الأولى، وينبغي لمن وقع في مثل هذا أن يحتسب الجهد في إقناع والديه ببقاء زوجته عنده وعدم طلاقها، وتأتي بحق والديه على زوجته لمضاعفة البذل والخدمة والعناية، وأما تشدد بعض الآباء هداهم الله على أبنائهم في مجالسة الصالحين والأخيار من الأصدقاء فإنهم بهذا يفتحون مجالاً لهم في أن يجالسوا الأشرار والسيئين والفاسقين، فالنفس لا بد لها من صاحبٍ إما أن يكون جليساً صالحاً، أو جليساً سيئاً، وقد يتشدد الأب على ولده في هذا النوع من المجالسة خوفاً عليه ولا شك، فالحل عند ذلك لا يكون بقطع الابن عن أصدقائه وجلسائه، أو أن يمنعه من الذهاب إلى مكتبةٍ خيرية نافعة، بل الصواب هو متابعة الابن والتأكد من ذهابه مع أصدقائه الصالحين، وسؤاله عما يدور بينهم في مجالسهم سؤال تلطفٍ واستفادة متبادلة لا سؤال تحقيقٍ وامتحان، وعند ذلك يطمئن الأب إلى ذهاب ولده وإيابه.

وبهذه المناسبة أكرر النصح والدعوة إلى الشباب عامة، وإلى الأخيار من الشباب الصالحين خاصة أن يضاعفوا البذل والعطاء والبر بوالديهم، فإن الجميع لا شك مقصرٌ في هذا الباب تقصيراً عظيماً.