للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحاديث في فضل الصبر والصابرين]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

معاشر المؤمنين: كلنا يعلم أن الصبر دواء ناجع، وعلاج نافع في تخفيف آثار كل بلية أو مصيبة تقع بالعبد، في نفسه أو أهله أو ماله، وليس للعبد إلا أن يصبر لا محالة، فمن لم يصبر في أول المصيبة رضا واختيارا، فمرده على الصبر عليها قهراً واضطراراً، قال الشاعر:

أرى الصبر محموداً وعنه مذاهب فيكف إذا ما لم يكن عنه مذهب

وقال الآخر:

اصبر ففي الصبر خير لو علمت به لكنت باركت شكراً صاحب النعم

واعلم بأنك إن لم تصطبر كرماً صبرت قهراً على ما خط في القلم

ولقد مر معنا ذكر طرف من الآيات في فضل الصبر ومدح الصابرين، ولنتأمل اليوم ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حيث يقول: (عجباً لأمر المؤمن كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله، فما أعطي أحد عطاءً خيراً من الصبر) متفق عليه.

فمن ذلك نعلم أن الخير كل الخير للعبد: أن يصبر في جميع أموره؛ لأن المسلم يعلم أن البلاء مهما عظم أمره، أو صغر قدره فإن الله قد جعله سبباً لتكفير ذنوبه، فعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما يصيب المؤمن من نصبٍ، ولا وصبٍ ولاهمٍ، ولا حزنٍ ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه) متفق عليه.