للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسراف تبعاً للآباء والأجداد

منذ أيام كنا في مناسبة في منطقة من مناطق شمال المملكة، وإذ بنا نجلس على موائد لا ينتهي إليها البصر من أول هذا المسجد إلى آخره وصفوف متتابعة، ثم دعي الناس إلى الطعام فأكلوا ووالله ما حركوا ربع ما في هذه الصحون، ثم قيل هذه الضيافة الأولى، وأنتم بعد صلاة الظهر غداً على موعد في الضيافة الثانية، وحياكم الله بعد صلاة العشاء غداً في دخول العريس على زوجته في ضيافة ثالثة، فقلنا لصاحب الزفاف -يا عبد الله- أما تتقي الله عز وجل؟! {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} [الإسراء:٢٧] والله عز وجل يقول: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:٣١] فكيف تقعون في هذا الإسراف؛ فقال بعضهم: هذه من عادات آبائنا وأجدادنا، وعيب علينا أن نترك عادات الآباء والأجداد، والأعجب من ذلك أن من مد هذه الموائد وهذه السماطات فقراء يشترون السيارة الصالون التي قيمتها مائة بمائة وتسعين ألف ريال من أجل هذا الإسراف والتبذير، وإذا قيل له: لماذا تصر على هذا المنكر وهذا الحرام؟ {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف:٢٢] يقول: هذه عادة أبي وجدي {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:٢٢].

وكذلك بعضهم تجده يبتدع في العبادة ويتعبد الله بأمر لا دليل عليه من كلام الله ورسوله، ولا دليل عليه من فعل أبي بكر الصديق ولا من فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومع ذلك إذا قيل له: هل عندك حجة من القرآن؟ هل عندك دليل من السنة؟ هل عندك من هدي الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) هل عندك شيء من علم أو آثارة من علم فتخرجه لنا؟ قال: لا.

لكنا أدركنا آباءنا وأجدادنا على هذا، ولا يعقل أن يكون والدي وجدي على ضلال.

لماذا لا يكون والدك أو جدك على ضلال؟ أهو معصوم؟ أم أوحي إليه؟ أم سلم من هذا كله؟ أم استوثق العلم وحفظه من جميع جوانبه؟