للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفاوت العقول في الطاقات والقدرات]

ومن هنا أود أن أقول لكم يا معاشر الإخوة! لا تظنوا أن العقلاء هم الأطباء الذين يجرون العمليات الجراحية، ربما الطبيب لو وقف ليدرس الدراسة التي تدرسها ربما كان من الفاشلين، وربما لو جيء بمهندس يخطط أو يعد أو يصمم أطول العمائر وقيل له تعال ادرس هذه الدراسة -التي أنت أفلحت فيها- ربما لا يجيدها، فلا نظن أن العقل والذكاء والقدرة والإنتاج محصور في شهادات الأطباء أو محصور في شهادات المهندسين، أو محصور في شهادات مبرمج الكمبيوتر فقط؟ لا.

حتى الأعمال الدقيقة المهنية، والأعمال الفنية، لكلٍ فيها جهد وعقل وفهم وذكاء ودور، وأكبر دليل على ذلك أنك تستطيع أن تمر على مائة ورشة أو مائة مكان لإعداد الآلات وغيرها، فتقول هذا أفضل من هذا، وهذا أفضل من هذا؛ لأن هذا قد أعطى مزيداً من العقل والفهم والتركيز على ما درس وعلى ما يعمل عليه من الآلات، وعلى ما يصلحه وينتجه، فكان أفضل بكثير من هذا الذي لم يعط هذا الجهد كله، أو يستوعب هذا الجهد كله، وهذا فرق واضح؛ ولذلك بعض الشباب تقول له -مثلاً- في اجتماع من اجتماعات التعارف، يا أخي الكريم! ما الاسم الكريم؟ يقول: فلان بن فلان وينزل رأسه، تقول له: لماذا لا تكمل؟ قل: اسمي فلان بن فلان، أدرس في معهد التدريب الفني والمهني، أو في المعهد المهني، وهذا ليس بعيب؛ لأن هذا المعهد الذي تدرس فيه يتطلب قدرات عقلية وفنية ربما لا يستطعها هذه الطبيب الذي أنت تذهب إليه يعالجك، ولا يستطيعها الذي يصلح أشياء أخرى في أجهزة الكمبيوتر الدقيقة.

إذاً: فلنعلم جميعاً أننا معاشر الشباب على درجة عالية من العقل والفهم فلا نحتقر أنفسنا، وتجد بعض الشباب يقول: أغلقت في وجهي كل مجالات الحياة لم أجد أملاً أو مجالاً إلا أن أتجه إلى المعهد المهني، لا تجعل هذا التصور في ذهنك، بل اجعل التصور الذي يلزم أن يبقى في ذهنك أن لك موهبة، ولديك طاقة، وعندك ميولاً، كما أن غيرك له ميول في الطب، وهذا له ميول في الكمبيوتر، وهذا له ميول في الهندسة، أنت لك ميول في أعمال مهنية، سواء كانت سمكرة، أو هندسة، سواء كانت مكنيكا أو نجارة أو لحام أو تربيط أو غير ذلك.

والمهم أن تعرف أن هذا العقل ليس برخيص، ولا تسمح لأحد أن ينظر إليك بعقلك نظرة الدون، ووالله -يا إخوان- لو جاء أحد يكلمكم بطريقة يحتقر فيها عقولكم فإن أول من يحتقر أنتم، ولو جاء أحد يكلمكم بطريقة يحتقر فيها اهتماماتكم كان أول من يحتقر أنتم، وإذا جاء أحد يقول لكم: إن هذه العقول كما خلقها الله عز وجل وأودع فيها من دقائق الخلق وأسرار التكوين ما يجعلها ذكية فاهمة، لوجدت أن هذا فعلاً هذا هو الذي يخاطبك بحق.