للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علماء ألفوا في الخصال الموصلة إلى الظلال]

أيها الأحبة في الله: ومن عظم شأن هذا الحديث صنف فيه علماء الإسلام والسلف الكرام مصنفات عدة، فقد ألف ابن حجر رحمه الله في هذا جزءاً سماه معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال أي: إلى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، وألف السيوطي رحمه الله رسالة أخبرني بها فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم القاضي في المحكمة الكبرى حيث سألته: هل هناك من ألف غير ابن حجر مصنفاً أو جزءاً في هذه الفضائل؟ فقال: نعم.

فهناك السيوطي ألف رسالة بعنوان تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش وعليه مختصر بعنوان بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال.

ونبدأ في فقه الحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله).

قال بعضهم: الظل هو المنعة والحفاوة والعز والتكريم، ولا شك أن المصير إلى هذا المعنى تأويل، ولا حاجة إلى التأويل في هذه المسألة، فظل كل شيء بحسبه، أما وقد آمنا أن لله عرشاً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فإن لهذا العرش ظلاً كما هو لائق بهذا العرش العظيم، فهو ظل حقيقي، أما الكلام في كيفيته والكلام في طوله وعرضه، وهيئته وتفاصيله، فإنا لم نحط بالله علماً: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه:١١٠] {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:١٠٣].

فالكلام في تفصيل هذه المسألة هو كالكلام في الاستواء، الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، والصفة معلومة والكيفية مجهولة، وهذا خير طريق يسلم به العبد في إثبات صفات الله جل وعلا، أن تثبت لله ما أثبته لنفسه كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:١٨٠] وأن تنفي عن الله ما نفاه الله عن نفسه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١] وما من لفظ لم يرد في الشرع له اعتبار أو إلغاء أو نفي أو إثبات، فعلامة الدهر وإمامه، وأحد أئمة العلم في هذا الزمان الشيخ/ محمد بن صالح بن عثيمين قد قال: وأما الصفات التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات، فإن السلامة أن يتوقف في لفظها وأن يفصل في معناها، فيقال: إن كان المعنى يدل على كمال يليق بالله أثبتناه لله، وإن كان المعنى يدل على نقص ينزه الله عنه، فإننا ننزه الله عنه، ودليلنا على ذلك الشمس المشرقة والآية المحرقة لشبهات المعاندين ألا وهي قول الله جل وعلا: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦].

وهذه لفتة مهمة في هذا الحديث أيها الأحبة: أن نحرص على معرفة منهج السلف رضوان الله عليهم في إثبات العقائد، وخاصة فيما يتعلق بالأسماء والصفات.

نعود إلى الموضوع، ممن ألفوا في الخصال الموجبة لظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام السخاوي وهو من تلاميذ ابن حجر، ألف رسالة بعنوان الاحتفال في جمع أولي الظلال قال: ظفرت بأربع عشرة خصلة زيادة على ما جمعه شيخي أي: ابن حجر، وهذا مما أفادنا به فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن قاسم متع الله به وحفظه، ولا عيب ولا حرج أن يسند الإنسان الفضل والعلم إلى من تعلمه منه

وقل فلان جزاه الله صالحةً علمنيه ودع ذا الكبر والحسد