للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقسام الناس في الحساب]

ألا وإن من الناس من يكون حسابه بين يدي الله: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] من يكون حسابه عسيراً، وهؤلاء هم الكفرة المجرمون الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً، وتمردوا على شرع الله، وكذبوا رسل الله، وكذلك عصاة الموحدين قد يطول حسابهم ويعسر بسبب ظلمهم وعِظم ذنوبهم.

ومن الناس من يدخلون الجنة بغير حساب، أسأل الله بأسمائه وصفاته وفضله الذي لا يضيق به ذنوب خلقه، أسأل الله أن يجعلنا منهم.

ومن الناس من يحاسب حساباً يسيراً، وهؤلاء لا يناقشون الحساب ولا يدقق معهم ولا يحقق معهم، وإنما تعرض ذنوبهم عرضاً، ثم يتجاوز الجبار عنهم عز وجل، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت عائشة: يا رسول الله! أليس قد قال الله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} [الانشقاق:٧ - ٨] فقال رسول الله: إنما ذلك العرض، وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم القيامة إلا هلك) رواه البخاري ومسلم.

ألا واعلموا يا عباد الله: أن الله عز وجل يعرض ذنوب العبد عليه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يُدني المؤمن فيضع عليه كنفه وستره، فيقول الله لعبده المؤمن: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟) سوف نُذَكر بذنوبنا في ساعتها ولحظتها وزمانها ومكانها وحالها ومن كان معنا وأعان عليها أو خطط لها (أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: نعم أي رب أعرفه، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى العبد في نفسه أنه قد هلك، يقول الله عز وجل: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكافرون والمنافقون فيقول الأشهاد: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:١٨]) رواه البخاري ومسلم.