للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقديم الأمة أبناءها للجهاد]

الحمد لله على كل حال، ثم ماذا؟ كذلك على الأمة أن تقدم من فلذات أكبادها من أبنائها من رجالها شباباً شهداءً، نسأل الله أن يكرمهم بهذا، إن يمت لا يجد من آلام الموت إلا كالقرصة، وما أن يسيل دمه إلا يغفر له عند أول دفعة من دمه ويرى مجلسه من الجنة، ويؤمن من فتنة القبر، وله اثنتان وسبعون حورية، ويشفع في سبعين من أهل بيته، هكذا أعد الله وعداً جزيلاً لعباده المؤمنين الصادقين المجاهدين المخلصين لإعلاء كلمة الله، للذود والذب عن أعراضهم، وعن مقدساتهم، وعن أموالهم وأنفسهم وحرماتهم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون عرضه فهو شهيد) بفضل الله ومنه وكرمه أن جعل الموت ساعةً لا تتقدم ولا تتأخر، مع أن الموت ساعةٌ لا تتقدم ولا تتأخر جعل الله لمن مات في جهاده مخلصاً من قلبه، جعل الله ميتته شهادةً في سبيله، وإلا فإن الموت يدركه سواءً كان في الجبهة والميدان، أو كان على فراشه وسريره، لكن لما عظمت همته، وعلت نفسه، أكرمه الله بمنه وفضله: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء:١١٣].

معاشر المؤمنين: لقد رأينا من شبابنا -بفضل الله ومنه- ما يثلج الصدور ويطمئن القلوب والأفئدة، فنسأل الله لأولئك الشباب -سواءً كانوا من الطيارين، أو كانوا في القوات البرية، أو من المشاة والمدفعية، أو في أي مجال من المجالات، أو كانوا في عداد المتطوعين- نسأل الله أن يربط على قلوبهم، وأن يقذف السكينة في نفوسهم، وأن يثبتهم، وأن يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يجعل عملهم هذا خالصاً لوجهه، نسأل الله أن يرزقهم الاحتساب، نسأل الله أن يجعل هذا في أثقل أعمالهم يوم القيامة، فاسألوا الله أن يجعل لهم من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافيةٍ، ومن كل فاحشةٍ أمناً، ومن كل فتنةٍ عصمةً بفضل الله جل وعلا.

عرفنا منهم عدداً من الطيارين، ورأينا منهم عدداً من الضباط والأفراد، كلهم بمعنويات عالية، وحديثهم ونشيدهم:

خرجنا إلى الحرب شُمَّ الأنوف كما تخرج الأسد من غابها

نمرُّ على شفرات السيوف ونأتي المنية من بابها

ونعلم أن القضا واقعٌ وأن الأمور بأسبابها

ستعلم أمتنا أننا ركبنا الخطوب حناناً بها

فإن نلق حتفاً فيا حبذا الشهادة تجي لخطابها

وكم حيةٍ تنطوي حولنا فننسل من بين أنيابها

الحمد لله الذي جعل في أمة الإسلام أمثال هؤلاء الشباب، ونسأل الله أن يجعل جميع شباب الأمة على هذا القدر، وعلى هذه المعنوية، وبهذا الإخلاص والاحتساب.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.