للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الربا على أموال المرابي]

ثم لنتأمل الآية التي تليها في قول الله جل وعلا: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة:٢٧٦] فأي شيءٍ بعد أن محق الله الربا؟ ولا يغرنكم رؤية أصحاب الربا في قصورٍ فارهة، أو مراكب وثيرة، أو في أماكنٍ عالية، فإن شأنهم إلى الذلة، وإن شأنهم إلى الصغار، وهي سنة الله لا تتبدل ولا تتحول، ولن تجد لسنة الله تبديلاً بقوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} [البقرة:٢٧٦].

فالربا يمحق الله سبحانه وتعالى أهله، ويمحق مشاريعهم، ويمحق استثماراتهم، ويمحق كل شيءٍ جعلوا الربا سبيلاً إلى النماء فيه، وإننا لنرى في هذه الأيام كثيراً من الذين غرتهم المادة، وأحبوا أن ينطلقوا بالمال يمنةً ويسرة، فاقترضوا من البنوك -باسم المشاريع- بالربا أموالاً آلت نهايتهم إلى الانكسار، فترى الواحد منهم يعيش أعظم الدَّين وأثقله على كاهله بسبب عمالةٍ لم يدفع رواتبها، وبضاعةٍ تأخر تسديد قيمتها، وبسبب أعمالٍ لم ينجزها، وما ذلك إلا لأنه بدأ من حرام، بدأ من سحت، بدأ من شيءٍ لعنه الله ولعنه رسوله، فكيف يرجى لرجلٍ يريد بنياناً شامخاً أن يعلو بنيانه وهو قد أسسه على شفا جرفٍ هار فانهار به إلى الدمار والهلاك؟! وإن لم يتب فسينهار به إلى نار جهنم عياذاً بالله من ذلك.

كلكم ترون كثيراً من الذين وقعوا نتيجة هذه المصائب والانكسارات المالية، لو دققتم في شأنهم لوجدتم أن كثيراً منهم استدانوا بالفوائد والربا، واستدانوا بما يسمى بنسبة الفائدة، أو بما يسمونه بالتسهيلات، وما هي والله إلا عين الربا الذي لعنه الله ولعنه رسوله، ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، عياذاً بالله من حالٍ ملعونةٍ كهذه.

معاشر المؤمنين: إذاً فلنعلم أن خطورة الربا ليست على الأفراد وحدهم، وإنما هي على المجتمع، ومن ثم تنقلب هذه المشاكل بلاءً ودماراً على الأمة.