للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تهكم العلمانيين على شباب الصحوة]

السؤال

إني أحبك في الله، قرأت في جريدة الشرق الأوسط موضوعاً خطيراً وتهجماً بعض أذناب العلمانية على شباب الصحوة حيث يقول: هذه المجموعات في مختلف مواقع البلاد تعتمد مظهراً واحداً، يتمثل إطالة شعر اللحية بشكل غير منظم وغير نظيف، وكأن الشعر أصبح مقدساً لا يجوز المساس به، ويقول: تتعمد هذه المجموعات تقصير الثياب بشكل ملفت للنظر يُظِهر جزءاً كبير من السيقان، فيصبح منظر الواحد منهم لا يتناسق ولا يتناسب مع ثياب فضفاضة وقصير مع سيقان عارية -لكن ما رأى سيقان الحريم هذا الذي كتب، مسكين إي والله لما رأى السنة شرق بريقه، ولما رأى المنكر جمد بباطله- ويقول: إنهم يلتزمون السلبية في المجتمع فلا يجالسون غير جماعتهم، ويقول: هذا التصرف لا ينم عن روح الدين الإسلامي الذي رضعناه مع حليب أمهاتنا -والله ما أدري ما رضع هذا- ونشأنا عليه.

ويقول: هل هذه صورة المسلم الصحيح.

وبعد السؤال عن الشخص وعن أحواله وجد أن حاله مغايرة للمسلم الذي يتكلم عنه، فهو مسبل أو حليق وضيق للغاية، ولا يشهد الصلاة مع الجماعة ولا الجمعة ولا العيدين.

فما هو الحكم؟

الجواب

اسمع يا أخي الكريم! أولاً: هذه الحالة التي ترونها في جميع أنحاء العالم الإسلامي والمملكة ولله الحمد والمنّة ليس غريباً عليها، دولة إسلامية أهل فطرة وأهل عقيدة، الصحوة الإسلامية ليست غريبة عليها في المملكة ولله الحمد، لأنهم هم أهل الفطرة، فكل مسلم له فطرة، وأرض تجديد العقيدة وأرض مهبط الرسالة من عندهم.

هذه مسألة.

ثانياً: هذه الصحوة قد شرق بها ومات بدخانها بعض العلمانيين القذرين الذين أصبحوا يتهجمون على الصحوة، يقول: ما معنى هذا يقصر ثيابه؟! وتجده عنده مؤلفات طويلة عن الحرية، الحرية ذلك المظهر الرائع من المجتمعات الغربية المتمدنة التي تتيح لكل فرد أنماطاً وأساليب في الحياة كيفما يحلو له، حرية مطلقة، لكن واحد يصير حر في لحيته يربيها، لا، ينبغي أن تحلق، أين الحرية؟ البس ما شئت، شارلستون، جنز، قصير، طويل لكن إذا اتبع المسلم السنة قالوا: ما هذا؟ فإذاً أنت تتكلم عن الحرية، أتركه حراً في تطبيق السنة.

ثم أنا أقول لأحبابي الشباب، وأرجو منهم أن يفهموني جيداً: إن المسلم يسعه أن يكون قريباً لزي مجتمعه، (إزرة المؤمن إلى نصف ساقه)، (وما أسفل من الكعبين ففي النار) لكن لو زدت فوق الكعب بمقدار واحد سنتي رفعت الثوب عن الكعب واحد سنتي أقبل رأسك وجبينك، أقول: كثر الله خيرك، سلمت من الإسبال وحققت جزءاً من السنة، وإن أردت غاية السنة فثوبك إلى نصف ساقك ولا أحد يدخل في خصوصياتك، لكن أنا وجهت نظري أن الداعية يكون قريباً من الناس بأن يكون زيه قريباً من زيهم، ولا أعترض على السنة.

كذلك ينبغي للداعية والمسلم الملتزم أن يكون باشاً مبتسماً ضحوكاً مرحاً حبيباً حتى لا يقول الناس: إن الإنسان إذا التزم يصير معقداً، مثل ما يقول لي واحد من الشباب أبوه في هيئة كبار العلماء، يقول: كنا نخرج نلعب كرة، شباب ملتزمون صالحون ولله الحمد يلعبون كرة ويضحكون ويمرحون، يقول: طلع معنا شاب ما كان يظن أن أهل الخير بهذه الصفة، يظن الواحد والله من أول ما يدخل البيت حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وصك السند وهات المتن وحول وحاء.

يقول: طلع معنا إلى البر وكان من عادتنا أننا إذا خرجنا نقرأ حتى تغرب الشمس، نقرأ صفحة أو صفحتين من كتاب رياض الصالحين، أو تفسير آية، ثم إذا انتهينا منها لبسنا السراويل وأخذنا نلعب حتى يؤذن المغرب فنصلي قال: خرج معنا هذا الشاب وكنا مصيفين، قلنا: ما في وقت نقعد نقرأ، نفرق بسرعة قبل أن يذهب الوقت، فرقنا ونزلنا الكرة وكل واحد لبس، يقول: جاء ومسكني ويقول: أنتم مطاوعة تلعبون كرة؟ قال: نعم، من الذي قال لك إن الكرة حرام، قال: أنا أحسبكم تطلعون وكل واحد يمسك كفر ويصيح عنده، فعلاً أنا أعجب من بعض الشباب يستغرب، ما يصدق أن الشيخ يضحك، سبحان الله العلي العظيم، ولذلك أنا أقول: احذروا أيها الإخوة جميعاً يا من في هذا المسجد، الصحوة الإسلامية الآن مهددة بأمرين: الأمر الأول: يؤتى إلى أحد علماء الصحوة يقال: هذا صاحب معاكسات، هذا رجل لوطي، هذا صاحب مخدرات، ثم يبدأ الشباب يتشككون فيه، هذه من أساليب ضرب الصحوة، وهذا الرجل تقي نقي داعية مسلم مخلص.

الأسلوب الثاني لضرب الصحوة: أن يوجد أناس فجار فساق إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، تجده مجرماً؛ لكن يحاول أن يبالغ في مظاهر معينة وفي زي وشكل معين، ويدعي أنه ممن ينتسبون إلى الصحوة، وتجده يستلف من هذا ويسرق من هذا، وتجده يغتصب هذا ويفعل مع هذا، ويصلح مع هذا حتى يقول الناس: انظروا يا إخوان، هؤلاء المتدينون، فما هو ذنب المتدينين! عندما يوجد رجل ينتحل زي رجل الأمن، وأخذ فلوسك ولعب عليك، وثبت أن هذا الرجل لص ليس برجل الأمن، نقعد نسب رجال الأمن كلهم، أو نقول نستغني عن جهاز الأمن كله؟! هذا ليس بصحيح، لماذا؟ لأن هذا رجل دخيل في سلك الأمن.

لو جاء طبيب دجال ولعب على الناس وأخذ فلوسهم وصار يعطي أدوية، وأكل الناس، نقول: كل الأطباء دجالون ونستغني عن الطب؟ لا، نقول: هذا الدخيل على الطب دجال.

فكذلك إذا جاء رجل دخيل على الصحوة الإسلامية وعلى الشباب الطيبين، وأخذ ظاهرهم وفعل أفعالاً تخالف مقتضى الالتزام والسلوك الإسلامي، فلا نقول: كل الشباب الملتزم فجار أو فساق أو مخادعون أو خونة، بل نقول: هذا المنتحل هو الذي يحارب، وأما البقية فمكانهم على العين والرأس.