للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاج الإسلام للمسكرات والمخدرات]

أيها الأحبة! العلاج في الإسلام، ولقد سعت كثير من الدول بأبحاثها ومختبراتها وكتابها ومؤسساتها التربوية والإعلامية إلى محاربة هذه المخدرات، فجوبهت بالجرائم والدفاع المستميت عن هذا المشروب المخدر والمسكر، في ولاية من الولايات الأمريكية قبل قرابة ستين عاماً أراد حاكم الولاية بقانون أن يمنع الخمر، فكثرت حالات التهريب والترويج وتحدي أجهزة الأمن والمطاردات والقتل والاغتيالات؛ فعاد راغماً إلى إصدار قانون آخر يبيح الخمر للناس من جديد بعد زيادة أعداد من يتعاطونها.

والسبب واضح: لأن النفوس ما لم يكن فيها شرطي في الباطن، وجندي في الضمير، ورقيب عتيد يخشى الله ويستحي من الله كما قالت تلك البنية بعد أن أصدر عمر بن الخطاب مرسوماً يمنع فيه خلط اللبن بالماء، وقد تعود الناس هذا ليبيعوا ويكسبوا، فامتنعت تلك البنية بعد صدور قرار ولي الأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت أمها: لم لا تمذقين اللبن بالماء يا بنية؟ قالت: أما علمت أن أمير المؤمنين أمر ألا يمذق اللبن بالماء؟ فقالت: وأين أنت من عمر؟! إن عمر لا يراك ولا يرانا.

وكان عمر رضي الله عنه يتفقد أحوال رعيته، وكان في تلك اللحظات التي دار فيها ذلك الحوار الإيماني العجيب عند باب تلك الفتاة وأمها، فسمع البنية تقول: إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا.

بهذه النفس التي تراقب الله في السر والعلن، ما احتاج الناس إلى جواسيس أو رقابة أو شرط أو تفتيش في منع الخمر وتحريمها، كلمة {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:٩١] فكان الذي رفعها إلى فيه يردها، وكان الذي أودعها فمه يمجها، وهم يقولون: انتهينا ربنا انتهينا.

ذلك الإيمان به يعلى الجهاد، وبه يقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه تحفظ الحقوق وتصان الأعراض، وتسعد النفوس، وتطمئن البشرية، وبغير هذا الدين، بغير هذا الإيمان فإن الناس لن ينزجروا عن كثير وكثير من المخالفات والجرائم ومن بينها المسكرات والمخدرات.

أيها الأحبة! يقول أعداؤنا: إن العلاج عندكم أنتم يا معاشر المسلمين، فهذا كاتب غربي ومستشرق أمريكي اسمه أفران فوجان يقول مخاطباً المسلمين: أرجو أن تنجحوا في الاستفادة من دينكم وقوانين شريعتكم، وليس هذا من أجلكم فحسب بل من أجل الإنسانية، إن لديكم مبادئ أصيلة من دينكم فبإمكانكم أن تنجحوا.

ويقول آخر وهو " جيمس بولدوين ": إن المعجزة التي حصلت: ذلك أن المدمنين الذين أثقلتهم الكحول والمخدرات يتغيرون فجأة عندما يعتنقون الإسلام، كما أصبحنا نرى الذين لم يسمعوا قبلها برسالة الإسلام يتعرفون عليها ويؤمنون بها ويتغيرون، لقد استطاع الإسلام تحقيق ما فشلت فيه أجيال من متخصصي العمل الاجتماعي، واللجان، والقرارات، والتقارير، ومشاريع الإسكان، ومراكز الترفيه، ألا وهو شفاء وإنقاذ السكارى والمتشردين وكسب الذين غادروا السجون وإبقاؤهم خارجها، إنه الإسلام الذي جعل الرجال أطهاراً والنساء فاضلات، وأعطى الرجال والنساء الاعتزاز والرصانة اللذين يحيطانهم كالنور الدائم! يقول هذا كافر من الكفرة، والحق ما شهدت به الأعداء.

أيها الأحبة! إن ذلك من ما يدعونا أن نتشبث بديننا، وأن نتمسك بديننا، وأن نعلم أنا أمة إن أردنا أن ننافس الناس بأعدادنا فقد هلكنا؛ لأن الكفار والمشركين والمجوس والهندوس والوثنيين أضعاف المسلمين، إنا لا نقاوم الناس بكثرة عدد، وإن أردنا أن نتفوق أو أن نحفظ أنفسنا بسلاح فما أظن أحداً يحفظ نفسه بسلاح يصنعه عدوه، ولكن إن حفظنا أنفسنا بدين، بحفظ الله (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك) نحفظ أنفسنا بهذا الدين، نحفظ أنفسنا بهذه الشريعة، بكل ما جاءت به من تشريع اقتصادي وسياسي واجتماعي وإعلامي وتربوي وكل جانب من جوانب الحياة.

وإن الذين لا يزالون يرددون النظريات الغربية أو يرونها أطروحة تحل مشكلاتنا؛ أولئك يمثلون وقد هدم المسرح، ويصفقون وقد خرج الجمهور، ويعيدون رواية قومية فاشلة، وعلمانية ساقطة، وبعثية زنيمة، فلا خلاص إلا في الإسلام ولا نجاة إلا بالإسلام {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:٢٤].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.