للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر القرآن على المرأة في العمل بهذا الدين]

ثم أيضاً أثر القرآن على الفتاة المسلمة في العمل، لا يكفي أن الفتاة المسلمة تؤمن، والفتاة المسلمة تعلم، والفتاة المسلمة عندها تصور، والفتاة المسلمة عندها معلومات، لا.

الله جل وعلا في كثيرٍ من الآيات التي ذكر فيها الإيمان كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:٢٧٧] تجد أن العمل الصالح معطوفٌ على الإيمان في كثيرٍ من الآيات القرآنية، وذلك للدلالة على أن العمل هو برهان الإيمان، أما إنسان يؤمن بأن النار محرقة ولا يبتعد عنها، أو إنسان يؤمن بأن السم قاتل وهو يأكله، أو إنسان يؤمن بشيء ثم هو بعد ذلك لا يطبقه أو لا يفعل ما يقتضيه الإيمان به، أظن هذا تمثيلٌ وتضليل وليس إيماناً حقيقياً.

ما أكثر الفتيات اللائي يدعين الإيمان! ولكن لو أردنا أن نبحث عن الإيمان في حجابها، لو أردنا أن نبحث عن الإيمان في سترها، في بصرها وما تنظر إليه، في سمعها وما تنصت له، في خلوتها بنفسها، بماذا تفكر وماذا تفعل؟ لوجدت عند بعضهن -ولا أقول كلهن- لوجدت بوناً شاسعاً بين دعوى الإيمان وبين الواقع.

إذاً: فالإيمان دعوى والعمل هو الحقيقة والنتيجة، قال الشاعر:

والدعاوى إن لم يقيموا عليها بيناتٍ أصحابها أدعياء

إذاً: فالعمل هو الأثر الذي يتبع الإيمان، أثر القرآن على الفتاة بالإيمان والعمل هو الأثر الآخر الذي يتبع هذا الإيمان.

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: [إذا سمعت قول الله: (يا أيها الذين آمنوا) فارع لها سمعك، فإما خيراً تؤمر به أو شراً تنهى عنه] لأن الإنسان ثمرة إيمانه أن يعمل وأن يطبق بذلك.

وينبغي أن نترجم هذا الإيمان إلى واقعٍ عملي ليس في سلوكنا فقط فحسب، بل لا بد أن نترجمه إلى واقع تربيتنا لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا، طفل من الأطفال يكذب تقولين له: لا تكذب، وافتحي المصحف أمامه وقولي: هذا كلام الله يقول الله جل وعلا: كذا وكذا وكذا طفل يفعل خطأً تقولين: لا تفعل ذلك؛ لأن الله يقول كذا فلتعظم الفتاة المسلمة والمرأة المسلمة بتأثيرٍ من القرآن وبهدى من القرآن، ففي هذا خيرٌ عظيم، ولو أننا عودنا أطفالنا أن نقول: لا تفعلوا كذا لأن الله نهى عنه، وافعلوا كذا لأن الله أمر به، إذا كبروا وأردنا أن نقول: هذا لا يجوز، لا يمكن أن تجد الفتاة أو الشاب في أي مرحلة من مراحل العمر يتجاوز هذه المسائل.

إذاً: فالعمل ثمرة أو أثر من آثار القرآن، ولا نريد العمل فقط على السلوك، بل أيضاً العمل بالتربية، لا تكذب؛ لأن الله يقول: كذا لا تسرق لأن الله يقول: كذا لا تفعل كذا لأن الله يقول: كذا افعلي هذا؛ لأن الله يأمر بكذا افعلي هذا؛ لأن الله يجزي بالجنة على هذا، تصدقي؛ لأن الله يجزي المتصدقين، والله يقول: وترينها الآية في القرآن؛ ففي هذا أثر طيبٌ بإذن الله جل وعلا.

وبالمناسبة فإن أعداء الإسلام قد استغلوا هذا الجانب ألا وهو غزو عقول الأطفال منذ الصغر، يعني: بعض الأطفال لما تدخل معه في مناقشة ستجد أن معلوماته مبنية على ما ورد في (أفلام كرتون) تجد أن بعض الأطفال معلوماته مبنية على ما ورد في المسلسل المدبلج، والسبب أننا لم نربهم بالقرآن، فتولت هذه الأفلام تربيتهم، وكل من ترك خانة فغيره سينالها ويكون أولى بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله! والواقع يشهد على براءة الطفولة والفطرة، لكن الذين لم يجعلوا للقرآن أثراً في بيوتهم وعلى أطفالهم وذرياتهم:

ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ونام عنها تولى رعيها الأسد

من تركوا أبناءهم ولم يربوهم بالقرآن تربيهم هذه الأفلام والمسلسلات، وعفواً لو تدخلت في شيءٍ من التفصيلات من خلال نوع من الاستقراء الذي أقوم به في بعض الأحيان.

اسألي طفلك عن حبة الفول التي نبتت -هذا الكلام من (أفلام كرتون) - في الأرض، واستمرت حتى شقت السحب، ثم وصلت إلى السحابة السادسة أو السابعة إشارة إلى وجود الله، وانتهت هذه البذرة إلى قصر فيه رجلٌ سمين عنده دجاجٌ يبيض ذهباً، فتسلل الطفل -الآن في هذا المكان نحن في المكتب الذي تلقى عليكن فيه المحاضرة معنا طفل ويهز رأسه متابع الصورة جيداً، معنى ذلك: أن براءة الطفولة حينما لم ترب بالقرآن يتسلل إليها خطرٌ عظيم- فيتسلل هذا الصغير، ويدخل فيسرق الدجاجة، ويعرف صاحب القصر الذي في السحابة السابعة، ثم يلحقه، ويفلت منه، ويقفل الأبواب، وينجو من ذلك، ثم يعصر أشياء كثيرة، فينزل المطر، ثم يضرب بعض الأواني فيظهر الرعد، أين تربية القرآن؟ منذ أيام كنت في مركز صيفي مع أطفال في المرحلة الابتدائية، فجلست أسألهم عن هذا، وسألت أحد الأطفال لعله في السنة الثانية، قلت له: هل رأيت هذا (الفيلم الكرتون)؟ قال: نعم، قلت له: ماذا تفهم منه؟ من هو الذي في السماء السابعة؟ قال: يقولون إن هذا هو الله، وليس بصحيح، الله ليس هنا، يعني: جيد لأنه عاش في بيئة أو في أسرة أو في وسط لا بأس به، فقد تلقى العقيدة تلقياً جيداً لكن هذه المشوشات والمفسدات على صفاء فطرته جعلته يعجب، وربما خلطت عليه في يوم من الأيام، وربما بعض الأطفال الذين تتولى تربيتهم الخادمات، وربما لا توجد أمٌ ولا أبٌ ينبهه، فحينئذٍ يعتقد أن الله في السماء السابعة، وعنده دجاجٌ يبيض ذهباً، وهذا من أخبث وأخطر مفسدات البراءة والفطرة عند الأطفال، إذا كان كفار قريش يعتقدون أن الله هو الخالق المدبر وما كانوا يعتقدون هذا، فنحن في هذا الزمن يصور للأطفال بطريقة خفية، وفي الفيلم ما قيل: هذا هو الله، لم يقال لهم هذا، لكن من خلال ذلك تصور الطفل أن هذا حاصل، وطبقي شيئاً من هذه الأمثلة، وأضرب أمثلة: خذوا البرنامج المدبلج (برنامج سنان) من كم سنة رصدت فيه بعض الحلقات؟ ما هو أثر هذه البرامج على بيتٍ لم يترب بالقرآن؟ في أحد المشاهد حيوان من الحيوانات الذي يقوم بدور، يعني: الذئب يقوم بدور نسيت اسمه الآن، ولما انكسرت رجله أخذوا يدورون عليه ويصيحون بتعويذة: (زعبور يشفي جرجور، جرجور يشفي زعبور) ويدورون عليه؛ حتى قام نشيطاً، فلما اتصلوا بالطبيب، وكان الطبيب هو التيس ويلبس المناظر فقال: كيف شفي الذئب جرجور أو زعبور؟ قالوا: صرنا ندور عليه بالتعويذة حتى شفي.

إذاً: الطفل في البيت الذي لم يتأثر بالقرآن يتعلم أن الشافي هذه التعاويذ، وهذه التمائم والأمور التي تردد، وهذا مفتاح الشرك والوثنية، ومفتاح إفساد العقيدة على الأطفال الذين يتربون على غير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مثالٌ ثالث: الحصان الأبيض، قد تقلن: الشيخ جالس يتفرج (أفلام الكرتون) لكن لا حرج، قولوا ما شئتم، المهم أن تعرفوا ماذا يفعل ويدبر بأبنائكم، الحصان الأبيض تدور فكرة هذا البرنامج على إله النور وإله الظلمة، يوجد أطفال معهم الحصان الأبيض يمر على قوز قزح، وعنده شعاعٌ ذري ينثره فينير الكون بالنور الأبيض، ثم الناس يدخلهم البهجة والسرور وينبسطون ويفرحون، ثم يأتي اللص أو الحرامي أو المعاند، ودائماً يجعلون اللص هو الملتحي يقوم بدور المجرم أو بدور القراصنة، ويأتي هذا ويصنع دخاناً أسود ثم ينشره في الكون؛ فيبدأ الحصان يضعف، والأطفال تصيبهم الكآبة، والابتسامة تزول عن الشفاه، إذاً ما هي النتيجة؟ يستنتج الطفل؛ وهذا يسمونه المخيخ المبدع المخيخ المبدع داخل ذهن الطفل، وهذا المخيخ موجود لدى الرجل والمرأة والصغير والكبير، يستنتج المشاهد أن النور هو سبب الراحة والطمأنينة والسعادة، وأن الظلام هو سبب الشقاء والمصائب، إذاً ليس الذي يسعد الناس الله، وليس الذي يقدر على الناس الخير والشر هو الله، وصرفت الأمور إلى غير الله سبحانه وتعالى.

وأخيراً: وليس آخراً (عدنان ولينا) يعلم طفلك كيف يحضن بنت الجيران الصغيرة ويقبلها، وربما كشف عن شيءٍ منها، فمن أين جاءت هذه الأمور؟ حينما تركنا الهدى حلت بنا محن، لما أعرضنا عن هذا القرآن، هذا القرآن نزل لكي يستفيد منه الصغير والكبير، هذا القرآن جاء حتى للنطفة قبل أن توضع في الرحم، وحتى للجنين قبل أن يولد، ويوم سابعه، ويوم يسمى، ويوم يؤمر بالصلاة، ويوم يضرب عليها، ويوم يفرق بينه وإخوانه وأخواته في المضاجع، هذا القرآن جاء لهذا الإنسان منذ أن يكون نطفة إلى أن يوضع في القبر، فحينما تركنا التعامل بأثر وتربية القرآن أصبحنا نجد هذه النتائج المزعجة ولا حول ولا قوة إلا بالله!