للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من حقوق الزوج على الزوجة طاعته في ترك النوافل إذا احتاج إليها]

كذلك من حقه عليها أن تطيعه ولو في ترك نوافل العبادات، فامرأة شغوفة بقيام الليل، إذا احتاجها تشاغلت بالطهارة والوضوء والركوع والسجود، إن نومها في فراش زوجها وبجواره يرفعها درجات أعظم من درجات انشغالها بالنوافل والركوع والسجود من الطاعة.

وكان نساء السلف الصالح إذا أرادت إحداهن أن تشتغل بالتهجد في الليل وقفت عند رأس زوجها وقالت له: ألك بنا حاجة؟ وهذا من جمال الأدب في التعريض عند ذكر الحاجة بين الرجل وزوجته فإذا أرادها أشار إليها، وإن لم يردها دعت له ثم ذهبت تصلي وتتهجد قانتة قارئة كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار.

أين ذلك الجيل؟ وأين نساء اليوم من ذلك الجيل؟

لا تعرضن بذكرنا في ذكرهم ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

يخبرني بعض من يتصل ويرسل وبعض من يتكلم عن أمور كهذه، منها أن بعض النساء أصبحت تقول: إياك أن تطلبني إذا استحكم مزاجك في طلب هذه الحاجة، لكن إذا اتفق مزاجي مع مزاجك ثم اتفقنا على قاعدة المفاوضات على فعل هذا الأمر فلنجتمع لتنفيذه، وكأنها اتفاقية تحتاج إلى أطراف ووكلاء وآخرين من جهات شتى! ما الذي عقد الحياة الزوجية بهذه الدرجة حتى أصبحت المرأة تستنكر وتستكبر إذا دعاها زوجها وتقول: لا؟ إذا كان مزاجك أو رغبتك أو حاجتك حضرت فإن حاجتي بعد لم تحضر؟ لا، لم يرد في الشرع هذا، بل الذي ورد أن تجيب وأن تطيع وإن كانت على ظهر قتب أو على تنور، حتى العبادة والطاعة إذا أرادت أن تصلي أو تصوم نفلاً وهو شاهد فليس لها أن تصوم ذلك إلا بإذنه، كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) رواه البخاري وفي رواية: (لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يوماً من غير رمضان إلا بإذنه) رواه أهل السنن إلا النسائي.

ويفهم من هذا الحديث جواز منع الرجل زوجته من صوم التطوع، وعليها أن تطيعه في ذلك، ويفهم أيضاً: أنه يحرم على المرأة أن تصوم النفل بدون إذن زوجها الحاضر؛ وسبب التحريم أن للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقها واجب على الفور فلا يجوز لها أن تفوته عليه بانشغالها بنوافل الصوم وغيره.

وكذلك من فوائد هذا الحديث أن الزوج ليس له أن يأمرها بمعصية الله عز وجل، فإذا صامت قضاءً لصوم واجب عليها فلا يجوز له أن يجبرها على نقض صومها أو فطر ذلك اليوم الذي تصومه قضاءً في صيام واجب.