للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفاهة نعيم الدنيا أمام سكرات الموت]

إخواني! والله لو أنك منذ أن ولدت والحشم والخدم والعبيد في قصور الملوك يخدمونك على ثياب الحرير يلبسونك، على موائد الطعام يطعمونك، والله ما تساوي لحظة من سكرات الموت التي بلغت بخير أهل الأرض قاطبة محمد صلى الله عليه وسلم، والله لو هون الموت على أحد لهون على المصطفى صلى الله عليه وسلم، لقد جاءه الموت واشتدت به الحمى، وبردت منه الرجلان، وضعفت منه القدمان، وازرقت منه الشفتان، وسكنت منه اليدان، وهو يغمس يديه في شنة من ماء، ويقول: (اللهم هون عليَّ سكرات الموت، لا إله إلا الله إن للموت لسكرات).

يعني فلنفرض أنك ملذذ منعم من كل شيء والله لا يساوي ذلك لحظة تواجه فيك سكرة من سكرات الموت.

مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور

وإذا الجنين بأمه متعلق يخشى الحساب وقلبه مذعور

{يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} [المزمل:١٧]

هذا بلا ذنب يخاف جناية كيف المصر على الذنوب دهور

الله أكبر! يا إخوان: كم بلغنا من العمر؟ ثلاثين سنة! أربعين سنة! هل حفظنا القرآن؟ هل جاهدنا في سبيل الله؟ فلان نعم أسس نفسه قدم على البنك وبنى له فيلة، رجل ممتاز، هكذا أصبحنا نقيس الناس، نحن لا نمنع من ذلك، ما بذلة الإنسان في حلال فخير، والله جل وعلا يؤجره عليه، لكن أين حظنا من الآخرة؟ لقد عمرنا الدنيا وخربنا الآخرة.

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع