للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصايا متعلقة بالامتحانات]

مما ينبغي أن ننتبه له في هذا الموسم المؤدي إلى الامتحانات والمذاكرة هو أن نبعد فكرة الغش في الامتحانات عن أذهان الأبناء؛ لأن ذلك ارتكاب لمحرم، والغش بجميع أنواعه ممنوع في الإسلام، فإذا كان ممنوعاً في المعاملات فمن باب أولى أن يمنع في العلوم عامة، وعلوم الشريعة واللغة خاصة.

أسأل الله أن يلهمنا وأبناءنا وبناتنا التوفيق إلى العلم النافع، والسداد في الإجابات في الامتحانات.

اعلموا أيها المربون المدرسون! أن عليكم مسئولية عظيمة في طمأنة قلوب الطلبة حال الامتحانات وقبلها، ولا تجعلوا الامتحانات شبحاً يخيف الطلاب، بل اجعلوه أسهل شيء عندهم بكل ما تملكونه من الوسائل التربوية الناجحة.

على المدرس أن يساعد الطالب في أداء الامتحان بتوضيح المطلوب من الأسئلة لا أن يطرحها مبهمة، لا يعرف الطالب كيف يبدأ مفتاح الإجابة، والكل منا كثيراً ما يرى طالباً مندهشاً أو مرتبكاً أمام الأسئلة التي تعرض عليه، وقد يكون طالباً مجداً مجتهداً، فعلى المدرس أن يتلطف في مثل حال هذا الطالب، وأن يفتح له أبواب المطلوب من الأسئلة المطروحة، إذ إنه قد يكون حائراً لا يدري من أين يبدأ الإجابة على الرغم من مواظبته وجده واجتهاده، وأظن أن هذا من صلاحيات المدرسين ولا يعتبر من الغش في شيء.

على المدرس أن يبقى باسماً لطيف الوجه أمام الطالب، لا أن يبدو عبوساً مكشراً أمام عينيه، إذ إن ذلك مما يسبب شرود المعلومات عن ذهنه.

وأنت أخي الطالب استعن بالله جل وعلا واحرص على دخول الامتحان نظيفاً متوضئاً، وقبل أن تبدأ الإجابة لا تنس ذكر الله وحمده والثناء عليه، ثم صل على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واسأل ربك بدعوة نبيه موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه:٢٥ - ٢٧] واستحضر الدعاء المعروف (يا معلم داود علمني، ويا مفهم سليمان فهمني) ثم توكل على الله، وابدأ الإجابة على الأسئلة واحداً تلو الآخر، ولا تنظر إلى جميع الأسئلة في آن واحد فترتبك أو تختلط المعلومات في ذاكرتك، بل ابدأها وكأن كل سؤال هو المطلوب وحده في الامتحان، إلا أن تكون أسئلة اختيارية، فابدأ بحل الأسهل منها متروياً ومرتباً إجابتك، وموضحاً خطك، ولا تعجل بالخروج من مكان الامتحان، وقد بقي عليك شيء لم تكمله لعدم معرفتك به، فلعل الله أن يفتح على قلبك بذكره: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:٢٤] فلعلك أن تتذكر ما نسيته أو تستنبط ما جهلته.

وفق الله شباب المسلمين وبناتهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم.

عباد الله: هذه امتحانات يقدمها الأبناء أمام لجان بشرية، ومع هذا نرى الجهود الجبارة والمساعدة الهائلة منا لهم، وما ذاك إلا لمحبتنا لأبنائنا وبناتنا، فهل نقف معهم هذا الموقف، وهل نكون عوناً لنقي أنفسنا وإياهم ناراً وقودها الناس والحجارة؟ هل نقف معهم مذكرين لهم بموقفهم أمام الله جل وعلا يوم لا تخفى عليه خافية، ولا يستطيعون غشاً ولا خداعاً، ولا يملكون فرصة أو دوراً آخر؟ هل نذكرهم بهذا الموقف الأول والأخير الذي لا فرصة بعده تعوض، ولا أمل بعده في شيء إلا في الجنة برحمة الله أو النار عياذاً بالله من ذلك.

إذا كنا نحبهم حقاً؛ فلنحرص على تربيتهم ودعوتهم بالمعروف، وتشجيعهم في كل ما ينفعهم كي نذكرهم بالامتحان الأكبر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

معاشر الشباب: أوصيكم ونفسي بكثرة الاستذكار والاستفادة من وقت الصباح بعد صلاة الفجر وفي آخر الليل؛ فإنه وقت مشهود لحفظ الأمور والمعلومات؛ ولأنها تبقى في الذاكرة ولا يكدرها شيء، واعلموا أن النوم وعاء الحفظ، فإن الإنسان إذا استذكر شيئاً ودرسه واطلعه، فإنه ينبغي عليه ألا يكدر صفو مذاكرته بمشاهدة تلفاز أو عبث أو انشغال بقصة أو قراءة لا علاقة لها بهذا الأمر؛ لأن الذاكرة تخزن آخر ما يلقى فيها، وتكون أشد استعداداً لبذله وقت طلبه حينما يستدعي الإنسان ذلك بالكتابة، فينبغي لنا -خاصة- إذا كان الكثير من شبابنا يذاكرون في الليل ألا يسهروا سهراً طويلاً، إنما يقرءون بقدر ما يستطيعون من كفايتهم، ثم بعد ذلك يتوجهون إلى فراشهم، ولا يجعلون بعد مذاكرتهم شيئاً من مشاهدة التلفاز أو العبث بشيء من الألعاب والملهيات.

أسأل الله جل وعلا أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، أسأل الله أن يوفقهم وألا يخيب تعبهم، وأن يذكرهم ما نسوا، وأن يعلمهم ما ينفعهم، اللهم انفع بهم أمتهم، اللهم انفع بهم أمتهم، اللهم اجعلهم أبناء بررة لأمتهم ولعلمائهم وولاة أمورهم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بهؤلاء الشباب وبهؤلاء الفتيات ومن أراد بالجميع سوءاً فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهد إمامنا، وأصلح إمامنا، ووفق إمامنا، وارزقه بطانة صالحة، واجمع شمله بمن أحببته وأحبه، ولا تفرح عليهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً.

اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا حيران إلا دللته، ولا ميتاً إلا رحمته.

اللهم اختم بالشهادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل اللهم إلى الجنة مصيرنا ومآلنا.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠] فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.