للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مدى دور وسائل الإعلام]

إن التأثير الذي يدوم ولا ينتهي هو تأثير الإعلام، تجد رجلاً كبيراً في السن، نتيجة لمجموعة من الأفلام والمسلسلات، يأخذ من هذا الفيلم نمطاً معيناً في سلوكه، يقول أحدهم: أنا أتابع الأفلام والمسلسلات بكل دقة، ما رأيت إلا ما لا يجوز، صور نساء، مقاطع موسيقية إلى آخر ذلك، قال: لا، أنا آخذ منها الدرس والعبرة، الله أكبر! متى علمتنا الثعالب النصيحة؟ متى عهد أن المنتج أو المخرج الذي ينتج فيلماً فيه اختلاط وعري وترك للحجاب وسفور يمكن أن يعطيك درساً؟ نعم قد يوجد، لكن: وإثمهما أكبر من نفعهما بمراحل كبيرة كبيرة جداً.

تخاطب رجلاً آخر وقد تجده يتحسر بسبب ظروف معينة لزوجته فهو يريد أن يتزوج، لكنه بين نارين، يقول: أخاف أن يثور المجتمع ضدي، من الذي يثور ضدك؟ إذا كان المجتمع قد تأثر بما يدور في الأفلام فلا شك أنه سيثور ضدك، نتيجة مجموعة أفلام ومسلسلات متتابعة تعرض قضية المرأة، وقد تعرض أيضاً قضية امرأة معينة في ظروف معينة، يتزوجها رجل فتكون زوجة ثانية له، يخفي الأمر في بداية الأمر، أو يتستر عليها في أيام معينة، ثم يكشف فجأة وتقوم القيامة التي لا تقعد.

فحين تعلم الزوجة تسقط على الأرض مغمى عليها، أو تصاب بالشلل النصفي، أو تفقد الذاكرة لمدة كذا يوم، إذاً لدينا شحنات من مجموع الأفلام والمسلسلات ضد قضية التعليم، وأقول وبصريح العبارة، وقد يوجد من لا يعجبه القول: إنه ما لم نؤمن بهذا المبدأ، وإلا فثقوا أننا سنحرم المئات من الطاهرات العفيفات ممن يرغبن في هذا الشيء، ولا يحققنه بالطريقة المشروعة، سيحرمهم من دورهم في الحياة، ومن الذرية الصالحة، وسيحرم الأمة أيضاً من ذرية يمكن أن توجد منه.

ثم يا أخي! استكثر من الولد الصالح ما استطعت، وما دمت قادراً على التربية، لكن الإطار العام لكثير من الناس، أنا أريد سيارة، وزوجة وثلاثة أطفال فقط، هذا المبدأ يا إخوان والله شاع في أوروبا مدة معينة، وأصبحت الآن ألمانيا نسبة الكلاب فيها أكثر من نسبة الأطفال، يوجد لكل أسرة في بلجيكا ما يقارب كلبين ونصف في النسبة، وتموت الأسرة وما تجد من يرثها، ولا تجد من يدعو له، نتيجة مبدأ طفل طفلين ثلاثة.

أفغانستان لما خاضت قضية الجهاد، واعتدي على العقائد وعلى مقدسات العبادة وعلى الأعراض، وقام الجهاد، لو كانت أفغانستان على طفل طفلين، هل تظنون أن يبقى في أفغانستان رجال، الشباب ماتوا وانتهت المسألة، لا يوجد إلا أطفال صغار، وعجائز وشيوخ كبار، لكن لأن الأسرة الأفغانية أقل ما تجد عند أحدهم ثمانية تسعة عشرة أولاد، وبصريح العبارة صرح بهذا جورباتشوف ل نجيب حاكم أفغانستان العميل الشيوعي، في بداية التلميح في قضية الانسحاب، تفعلونها فينا، في البداية نخوض ونقاتل، وفي النهاية تبدءون تعلنون الانسحاب.

قال: لا نستطيع، الوضع في أي ضاحية وفي أي مدينة من مدن الاتحاد السوفيتي، كل أسرة لا تكاد تملك إلا طفل أو طفلين، واحد يكفي، لم يعد هناك هذا يكبر وهناك طفل جديد، لا.

هو واحد، في فترة طفل، وبعد فترة رجل يدخل الجندية، إذا مات، يقول: ليس المأتم يقام في البيت، يقام المأتم في البيت وعند الجيران وتعلق الضاحية الأنوار الخافتة، والحزن والتأبين، وأمور عجيبة جداً، لا يوجد إلا واحد أو اثنين.

لكن الأسرة التي لديها مجموعة من الأولاد إذا كتب الله لهذا قدراً في وفاته: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:٣٤] والحمد لله على ما قضى وقدر، فبدله في البيت ستة، يموت هذا في الجهاد فيحل الثاني محله، يموت هذا في الجهاد فيحل الثالث محله.

إذاً الأسرة المسلمة هي أكثر عنصر من عناصر قوة الدولة أيضاً، لكن حينما تكون الأسر على واحد اثنين، خوفاً على الدخل القومي، خوفاً على الناتج القومي، خوفاً على قضية من أين نمكن لهم حياة رفاهية معينة، نقول: لسنا نحن الذين نرزق عباد الله، اقسموا مجموع ما في الأرض من خيرات على عدد السكان، في العملية الحسابية النتيجة خسارة، لكن الله الذي يزرق العباد سبحانه.

والله غني عن العباد، وخزائنه ملأى، يده سحاء الليل والنهار، يده لا تغيظها نفقة، إذاً فثق بالله وارتبط بالله، حينما يوجد هذا المبدأ لدى الأسرة المسلمة؛ فسيكون أثره عظيماً.

هذا الاستطراد قادنا إليه البيان في مسألة أن وسائل الإعلام لها دور مؤثر، ودورها لا يقف عند حد الطفولة أو المراهقة، بل لها دور عظيم، ومن هنا فإني أسأل الله جل وعلا أن يمن على العاملين في هذه الأجهزة الإعلامية، أن يوجهوها لخدمة الإسلام والمسلمين، ونفع أبناء المسلمين، وإذا كان قد عرض أو يعرض شيء يخالف شريعة الله جل وعلا، فالذي نقترح أن يقال للخطأ: هذا خطأ، هذه صورة مجتمع غير مسلم، بهذا الوضع تبرأ الذمة، وإلا فإن الجميع مسئولون أمام الله جل وعلا.

وأيضاً أناشد جميع هؤلاء الشباب، أن يساهموا بدورهم الفعال، سواءً في التلفاز أو في الإذاعة أو في الصحافة، في تقديم النافع المفيد، في مناسبات كثيرة الجميع يفتح صدره ويديه، قدموا مفيداً وانظروا من الذي يرفضه، وفعلاً نجح لبيان تقصيرنا، أنه لا تكاد تجد مسلسلاً إسلامياً أو إنتاجاً إسلامياً على مستوى فيلم أو على مستوى أدبي رائع.

بعض الإخوة تفكيرهم كلاسيكي لا يعجبهم هذا الكلام، لكن حقيقة الأمر أنه لا بد أن نواجه أي أمر أمامنا، إما أن نشارك بكل ما نستطيع على مختلف الأصعدة والمجالات، وعند ذلك إذا أثبتنا بالتجربة، أن الخير والدين والشريعة قادرة على استيعاب الجميع، وإلا عند ذلك فسيقول الآخرون: هل يوجد فيلم إسلامي؟ هل يوجد إنتاج إعلامي إسلامي؟ هل توجد صحافة إسلامية؟ فما لم نقدم البديل فنحن محاسبون في هذا الأمر على تقصيرنا، وأيضاً عدم وجود البديل ليس مبرراً للوقوع في المنكرات، أو في استباحة ما حرم الله.

هذه قاعدة ينبغي أن تعرف، ولا أود أن أطيل أكثر من هذا، أسأل الله جل وعلا أن يجعل فيما سمعتموه خيراً لي ولكم، وإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمن نفسي الأمارة ومن الشيطان، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:١٨٢].

أود أن أنبه الإخوان جزاهم الله خير الجزاء، إلى قضية الجهاد في أفغانستان، وأنتم تعلمون أن الجهاد في أفغانستان في مراحله الأخيرة، وكابل تستعد لتلقي ضربة حاسمة، لعلها أن تكون فتحاً كفتح مكة في رمضان إن شاء الله، ولا شك أن هذا يحتاج إلى دعم قوي ومضاعف؛ لأن القضية ستكون يا منصور أمت أمت، ليس فيها إلا موت، وسيكون استبسال.

وجميع جهود الحكومة العميلة الآن فقط مركزة في كابل، مع وجود بعض العمليات الاستشهادية في قندهار وفي بعض المناطق، وأبشركم أيضاً باستشهاد بعض إخوانكم من مختلف الدول العربية، ولا زال الشهداء على أرض أفغانستان يروون الأرض بدمائهم، فأسأل الله أن يجمعنا بهم في جناته، لكن لا زالت أفغانستان بحاجة وستظل أفغانستان بحاجة؛ لأن الروس لن يخرجوا منها قصراً عامراً، أو دوحة غناء، أو بستاناً رائعاً، خرجوا عنها إحراقاً للحرث والنسل والزرع، أشلاء متطايرة، أطرافاً متكسرة ومقطوعة، أراضي مزروعة بثلاثين مليون لغم، الآن من أكبر المشاكل التي تواجههم كيف تعود هذه الملايين المهاجرة خارج أفغانستان إلى أرضها، والأرض كلها مزروعة بالألغام.

القضية محتاجة إلى دعم قوي وقوي جداً، ومن فضل الله على هذه الدولة أنها قد كلفت الهيئة العامة لاستقبال تبرعات المجاهدين، وهي لجنة أنا بعيني رأيت مكتبها في بيشاور، ومكتب طيب ولله الحمد والمنة، والتبرعات تصل والله ثم والله ثم والله، لا نشك إن قرشاً واحداً أو ريالاً واحداً يخرج بفضل الله جل وعلا، الأيدي أمينة يا إخواني فاطمئنوا، وهذه الهيئة انتشرت مكاتبها ولله الحمد وجهودها ملموسة، أرجو من الجميع التبرع والدعم لإخوانهم، وجزاكم الله خير الجزاء.