للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مآسٍ من أرض البلقان

الحمد لله مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء, وينزع الملك ممن يشاء, ويعز من يشاء, ويذل من يشاء, وهو على كل شيء قدير، الحمد لله الخالق من العدم، ومسدي النعم، ودافع النقم، ومبيد العصاة من الأمم، الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله حتى يرضى، والحمد له إذا رضي، والشكر له إذا رضي.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو بها النجاة يوم القيامة، والفلاح في الدنيا والآخرة، أشهد أن لا إله إلا الله، واحد في ربوبيته، فلا مالك ولا مدبر ولا متصرف ولا محيي إلا هو، واحد في ألوهيته، فلا يعبد ولا يذبح ولا ينذر لغيره، الحمد لله، واحد في أسمائه وصفاته، جل عن الشبيه وعن الند وعن المثيل وعن النظير: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:١١].

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه مخلصاً حتى أتاه اليقين، كان بنا براً رءوفاً رحيماً: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فلا نجاة -والله- إلا بها، يوم تضيع الأحساب، ولا تنفع الأنساب، وتتطاير الصحف، ولا ينفع خليلٌ خليلاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:١].

عباد الله: يقول الله جل وعلا: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} [النساء:٧٥] وقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:٣٩].

معاشر المؤمنين: وما تزال أنهار الدماء تجري، وما يزال الجرح النازف صبيباً سكيباً على أرض البوسنة والهرسك، الذي لا يحيط مدى وصفه إلا الله جل وعلا.