للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم: الملتزمون يسيئون الظن دائماً

يقول أولئك العلمانيون دعاة التحرير: أنتم يا علماء الدين! أنتم يا معاشر المطوعين! أنتم يا معاشر الملتزمين! أنتم يا من لا تسمحون لبناتكم أن يسهرن الليلة الطويلة في المستشفى مرافقة للطبيب المناوب! يا من لا تسمح لابنتك أن تداوم الدوام الكامل عشر ساعات، أو اثنتي عشرة ساعة مع طبيب، أو مع جمع من الرجال مختلط بالنساء، يقولون: أنتم تسيئون الظن.

لو أن رجلاً قال لآخر: أعطني ابنتك البالغة سن الزواج، وأقفل علينا الباب أنا وإياها أربع ساعات، واتركنا -الله يخليك- أربع ساعات على انفراد، فيقول وليها: لا يمكن، لا يجوز، ماذا تفعل بها؟ أقول: يا أخي! أنت لماذا هكذا تسيء ظنك؟ دعني أعلمها البخاري، دعني أخرج معها البخاري، دعني أقرأ معها التفسير، هل يعقل أن هذا الذي سيخلو ببنتي أو ابنتك، أو أختي أو أختك، أو زوجتي أو زوجتك في ردهات المستشفى ساعات طوال في ليل بهيم، في هجيع الليل، ونيام الناس، وسبات عميق، هل يعقل أنه سيخلو بها يتهجدون يتناوبون الحراسة في سبيل الله؟ ماذا سيفعل بها هذا؟ يا إخوان! نريد أن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير، فلا تظنوا أن المجتمع غبي إلى هذه الدرجة، لا تظنوا أن الناس أصبحوا ديوثين، لا تظنوا أن الناس أصبحوا لا يغارون على محارمهم، ولكن كما قلت في الخطب والمحاضرات: ظن دعاة التحرير أن المجتمع انقسم إلى قسمين: قسم يوفر لحيته ويقصر ثوبه، فهذا لن يرضى بتمريض البنات مختلطات مع الرجال، ولن يرضى بقيادة المرأة، ولن يرضى باختلاط المرأة، وقسم آخر من الذين يحلقون لحاهم مثلاً أو يسبلون ثيابهم، أو قد يسمعون شيئاً من الغناء قالوا: هؤلاء الذين يسمعون الغناء أو يحلقون اللحى أو يسبلون الثياب هؤلاء سيوافقوننا بأن نخلو ببناتهم، حاشا وكلا، والله إننا لعلى ثقة بأن الحليق والمسبل، أو من سمع الغناء ما بلغ به ضعف الإيمان إلى درجة أن يصبح ديوثاً، فيرضى أن تقود بنته، أو أن ينفرد بأخته وزوجته ليلة طويلة في مناوبة في مستشفى بدعوى التمريض، أو غير ذلك، يقولون: أنتم تسيئون الظن دائماً، وكلما طرحنا قضية، أول ما يخطر على بالكم -أنتم يا هذا المجتمع السعودي- الفاحشة والجريمة، لماذا يا أخي؟ بإمكاننا أن نوجد العمل في ظل الضوابط الشرعية والشريعة الإسلامية، والقيم والآداب والأخلاق والتقاليد، والله ما عهدنا رجلاً ألقي في الماء فسلمت ثيابه من البلل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

هل يعقل هذا؟ لا.

والله لا يعقل.

إذاً فنحن على ثقة ويقين، ونقول: كذبتم يا دعاة التحرير، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما) قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على المحارم) حتى المحارم نهينا أن ندخل عليهن من غير محرم، فما بالك يوم أن تجعل ابنتك وأختك في وظيفة أو في عمل مختلط، أو في معمل الجامعة أو في مكان لتختلط بالأجنبي، إذا كان المحارم قد نهينا عن الاختلاط بهن: (إياكم والدخول على المحارم، قالوا: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ -أخو الزوج لا يظن أن يقع منه السوء إلا في النادر القليل- فقال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت) فنقول: أنت يا رسول الله ما صدقت، أنت يا رسول الله لا تعرف، أنت تطلق الأحكام على عواهنها، أنت يا رسول الله لا تعرف تطور المجتمع، أنت لا تعرف إلى أي درجة ستتمدن البشرية، ونقول: صدقتم ووفقتم يا دعاة العلمانية، بأنه يمكن للمرأة أن تختلط مع الرجل في الوظيفة، ويغلقان المكتب عليهما، ويمكن أن تختلط مع الفتى في معمل الجامعة، ويمكن أن تختلط بالتمريض مع الممرضين والممرضات، ويمكن ويمكن إلى آخره! نصدق من ونكذب من؟ نكذب نبينا ونصدق القردة والخنازير؟!! حاشا لله، لا والله بل صدق رسول الله، وكذب أولئك المفسدون المجرمون، الحمد لله الذي أظهر باطنهم، وكشف خزيهم، وبين دسيستهم وحقيقتهم.

هذه مغالطة دائماً يأتي بها دعاة التحرير، فنقول لهم: مهلاً هذه مغالطة مرفوضة قولكم: لماذا تسيئون الظن؟ لماذا تتهمون الناس بالجريمة؟ لماذا يتبادر إلى أذهانكم الفاحشة في أول لقاء مختلط، وعلى انفراد بين الرجل والأنثى، وبين الفتى والفتاة؟