للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كرم الشيخ ابن باز]

أما كرمه فحدث ولا حرج عن ذلك رحمه الله، بل هو طائي زمانه، لا يمسك قليلاً ولا كثيراً، وربما مرت عليه الأشهر تلو الأشهر يستدين الديون على راتبه لإكرام ضيوفه وقاصديه، وليس يكرم كما يفعل بعض الناس لا يعرف بالإكرام إلا علية القوم، بل كان يكرم الفقراء قبل الأغنياء، والوضعاء قبل الرفعاء، فكرمه عامٌ لكل قاصديه، أما ما نزعمه وندعيه من كرم بعضنا حيث لا يحل موائدنا إلا ذوو المناصب والمراكب والأغنياء والوجهاء، فليس هذا وأيم الله من الكرم، إن الكرم أن تكرم من تعرف ومن لا تعرف، وأن تكرم من ترجو ومن لا ترجو، وأن تكرم الرفيع والوضيع، والغني والفقير.

وفد إليه أحد المجاهدين مرةً من المرات يريد إعانته على حاجة من الحاجات، فما وجد الشيخ رحمه الله إلا غرضاً مهماً من أغراضه فباعه، وأعطاه قيمته في سبيل الله عز وجل، وكرم الشيخ كرمٌ أصيلٌ لا تكلف فيه ولا تصنع، مائدته لا تخلو من الضيف أبداً، يلتقي عليها الصغير والكبير، والغريب والقريب، حتى لكأنه هو القائل:

إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي له أكيلاً فإني لست آكله وحدي

أخا سفرٍ أو جار بيتٍ فإنني أخاف ملمات الحوادث من بعدي