للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مجالس الذكر علاج للغفلة]

فيا أيها الشاب! ويا أيتها الفتاة! من شكا قسوة فؤاده، ومن شكا هذه الغفلة فعليه برياض الجنة، وعليه بمجاهدة النفس، وعليه بمجالس الذكر عسى أن يجد قلبه هناك، وليعلم أن هذه الدنيا برق خلب وفيء زائل: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} [الكهف:٤٥]، {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس:٢٤] انظروا إلى الذي غرس غرساً فما أكل ثمره، وبنى قصراً فما سكنه، وهيأ داراً فما انتقل إليها، وأعد وظيفة فما وصلها، ورتب شيئاً فما أدركه، وكان الموت سابقاً له قبل ذلك، ثم افترض وهب لو أنك عشت فيما شئت من شهوات ولذات أوليس الموت نهايتك؟ وهب أنك عشت منذ أن ولدت في مفارش الحرير إلى أن مت أوليست غمسة في النار تنسي هذا كله؟ كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره قال صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب.

ويؤتى بأشد الناس بؤساً من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له: يا ابن آدم! هل مر بك بؤس قط؟ هل رأيت بؤساً قط؟ فيقول: لا والله يا ربي ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط).