للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منكر تقليد الغرب والتشبه بالكفار]

تقليد الغرب والتشبه بالكفار في بعض البيوت؛ انصياع وانسياق وانهزام أمام حملات التغريب، وقد قلت غير مرة: كما أن المجتمع اليوم يقام في أسابيع للتوعية أسبوع الشجرة أسبوع المساجد، أسبوع التحذير من الإيدز، أسبوع كذا، نحن بحاجة إلى شيء اسمه أسبوع التحذير من الغرب والتغريب، والأمة على خطر، والتغريب لا يمكن أن يأتيك بصورة رجل أعجمي فرنجي يقف في بيتك ويقول لأبنائك: افعلوا وافعلوا، لا، يدخل التغريب من خلال مطاعم، يدخل التغريب من خلال وجبات، يدخل التغريب من خلال مجلات، يدخل التغريب من خلال قصص، يدخل التغريب من خلال قنوات، من خلال أشياء كثيرة، أنت بماذا تفسر هذا الانصياع والانسياق الهائل؟ ولو سألت محللين وأخصائيين لأخبروك أن من أسرار اللهث الذي لا ينقطع أمام المطاعم ذات الشهرة الغربية هي: وجود استعداد في النفوس، استعداد لتلقي ما يوجد عند الغرب، لو أن الغرب أمة منهزمة لا يلتفت لها، لو فتحت مطاعم مشهورة، لكن ليست من أمريكا وأوروبا لكنها من سيراليون، ومن غينيا وبيساو ومن كوناثري ومن الجابون وساحل العاج، من يلتفت لهذه المطاعم الإفريقية التي جاءت من دولٍ متخلفة فقيرة؟ لا يلتفت أحد لها، لا يوجد في النفوس رصيد من الإعجاب بها، لكن عندما جاءت هذه المطاعم من دول ذات قوة وذات بأس وسطوة وسيطرة، وصلت الرسالة إلى القلوب عبر القنوات الإعلامية، ولأجل ذلك أصبحت مصيبة.

في الصين الكبرى التي عدد سكانها مليار ونصف المليار، وربما الآن قاربوا اثنين مليار الصين الكبرى لما فتحت أول سلسلة مطاعم ما تسمى: (مكدونوم) وقف الجيش بالقوة أمام الناس، لأن الناس في حصار شيوعي ويريدون الانفتاح أمام الغرب، فيعرفون أن القضية ليست قضية أن الناس تريد أن تأكل خبزة في وسطها قطعة مما يسمى بالهمبرجر أو بالدجاج أو بالسمك أو غير ذلك، لا، القضية أنه يوجد اتجاه يوجد انسجام توجد رغبة يوجد تلذذ يوجد ارتياح للغرب، وأنا لا أقول: هذا حرام، لا يقول أحد: والله جاءنا شيخ وقال: إن (وينديز) و (بيتزا هت) و (بتزإن) و (مكدونم) حرام، لا، ما قلنا ذلك، لكن أقول: إن الانسياق: تأتي للولد بالبر الطيب، والسمن والأكل الطيب، المتعوب عليه النظيف الذي لا شك أنه مفيد وقيمته الغذائية عالية، لا يقبله، ماذا يقبل؟ يقبل أكلة قد ثبت علمياً من قبل متخصصين أو محللين أن فيها من الأضرار وهي خالية من الفوائد، منخفضة السعرات الحرارية، منخفضة كذا الشيء الكثير تجده يقبل بها، وأقول: إن الحاجة أن نعظم في نفوسنا حب المسلمين، وحب الإسلام، وأمور الإسلام، وآداب الإسلام، وأن نقلل من شأن أمور الغرب، خذ على سبيل المثال ما يسمى بـ (البرنيطة) التي في فترة ما قلَّ أن تجد شاباً في المرحلة الابتدائية والمتوسطة إلا على رأسه (برنيطة)، ليست (البرنيطة) محرمة في ذاتها، لكن الهزيمة النفسية، لما وجدت (البرنيطة) في القناة الفضائية قبل أسبوع، لبست هنا بعد أسبوع.

وتلك مشكلة يا إخوان! وينبغي أن نلتفت إلى تأثر المجتمع، أحد المسئولين في فرنسا وقف -وهم كفار يشتكون من كفار- يقولون: مشكلة عندنا خمس قنوات تلفزيونية فرنسية ولا يزال الشعب الفرنسي يسجل معدلات طلب على الأفلام الأمريكية، حسبك من كافرٍ يشكو من كافر، فما بالك بالمسلم إذا شكا من الكافر، مع أن بينهم وعندهم ولديهم من وسائل التحدي في شتى المجالات ما لا يوجد عندنا في مواجهاتهم، فيا أحباب! هذه مسألة عظيمة وهي من المنكرات التي ينبغي أن نلتفت لها، إذا يوجد شيء معين يكفي أنه تقليد غربي، علينا أن نبرأ منه، وأن نعلم أولادنا كيف يكرهون الكفار، وكيف يكرهون الكفر، وكيف لا يقبلونه، مثلاً: بعض الناس تؤتى إليه بالهدايا فيما يسمى: بعيد الكرسمس، أو عيد رأس السنة، أو ميلاد المسيح، ويقول: بمناسبة عيد المسيح صديقنا الأمريكي أو النصراني قدم لنا هدية، ويحضر الكعكة أمام الأطفال وعليها صورة (بابا نويل) أو الأم (تريزا) أو نحو ذلك، وتلك مشكلة، ينبغي أن يقول لهم: هذا شخص يعمل معنا، يحسب أننا غير فاهمين، وأعطانا هدية بمناسبة الكرسمس، ثم اذهب أنت وعيالك وارموها في الزبالة والعيال ينظرون، حتى لو كانت أجمل أنواع الكيك وأطيبها، ليست القضية أن تخسر كعكة بمائة ريال، القضية أن تقتلع شيئاً اسمه تقليد غربي يوشك أن يغرس في نفس أولادك، فكل قضية متعلقة بغرس تقاليد غربية ينبغي ألا نوردها، وأضرب لكم مثلاً: لو قلنا: هذا زي يلبسه البعثيون العراقيون نريد من شبابنا أن يلبسونه، أعوذ بالله! هؤلاء البعثيون الذين دمروا الناس وتسلطوا على الناس وجروا الأساطيل، وأنشبوا الحروب، وفجروا القضايا، وجوعوا المنطقة، تريد منا أن نقلدهم؟! لأنك تكرههم، ولذلك ما تقبل أن تقلد شيئاً من تقاليدهم أبداً، حتى الفنانين يعتزلون الفن حقهم، والرياضيين يقاطعون المنتخب حقهم، وكل على مستواه يقاطع ما يقابلهم، لكن مسألة الحب لما كان في النفوس شيء من الرضا في الغرب ما كان هناك إشكال أن يقلد الغرب سواءً في بنطلونه، أو في قميصه، أو بلوزته أو في الكاب أو في غير ذلك.