للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العاقل من حدد غايته وسدد أهدافه]

أيها الأحبة: كل أمة رجالها وشبابها يسددون أهدافاً في حياتهم، ولا أظن عاقلاً يمضي في عمل معين إلا وهو يريد أن يسدد هدفاً.

بل حتى الذين يلعبون والذين يعبثون، يقولون: إنهم يسددون أهدافاً، هذا الذي ينظر ميدان وملعب الرياضة، تجده لا بد أن يكون عالماً وعارفاً ما هو الباب الذي يدافع عنه، وما هو الباب الذي يسدد الأهداف إليه، وإذا كان لا يعرف ما هو الباب الذي يسدد الأهداف إليه، وما هو الباب الذي يذود الأهداف عنه، أو يبعد الضربات عنه، فيسمى مجنوناً غبياً لا يصلح أن يكون لاعباً في ميدان الرياضة، هذا في عرف الرياضة، كذلك الذين يعملون في أي مجال آخر، سواء كان مجالاً فنياً أو تقنياً أو عسكرياً، أو أمنياً أو إدارياً أو تعليمياً أو إعلامياً، لا بد أن تحدد هدفاً معيناً، لأن الذي يسير بلا هدف يحدده، ولا غاية يقصدها، ذلك هو المجنون لا محالة؛ لأن العاقل هو الذي يعرف ماذا يفعل، أما المجنون يمشي خطوة أمام وخطوتين وراء، وخطوتين يسار وخطوة يمين، كأنه يرقص ديسكو أو يرقص رقصات عجيبة جداً، فتقول له ما هذا الذي عندك؟ ما هذه الحركات التي تفعلها؟ يقول لك: لا أدري، لكن الذي يعقل يمشي خطوات متتابعة مهما طالت، يتوقف وقفات طويلة، لماذا أنت متوقف يقول: لي هدف من هذا الوقوف، يجلس جلسات معينة، ما الذي أجلسك طيلة هذا الوقت؟ يقول: أنا أعرف لماذا جلست، فالفرق بين العاقل وبين المجنون، والفرق بين العاقل والجاهل، أن العاقل هو الذي يحدد الغاية ويحدد الهدف والمقصد والنية من جميع تصرفاته، فاسألوا أنفسكم يا معاشر العقلاء، لا أظن بل من المستحيل أن يوجد في هذا المعهد شاب مجنون، بل الكل عقلاء ولله الحمد والمنة، وإلا لو كان من بين الحاضرين مجنون لما قبل في هذا المعهد الذي يحتاج إلى قدرات عقلية واستيعابية كبيرة، ويحتاج أن يعرف تمام المعرفة لماذا يوضع هذا هنا، ولماذا يبعد هذا من هنا، وكيف يوضع هذا في هذا المكان، وكيف تصلح هذه الآلة وكيف يستفاد من هذه القطعة، هذه العمليات تحتاج إلى عقلية دقيقة، وتحتاج إلى فهم كبير.