للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذم المغالاة والتشدد في اختيار المرأة]

السؤال

أنا شاب طموح في اختيار الزوجة الصالحة التي حددت لها شروط؛ أولها الدين ثم الحسب ثم النسب ثم الجمال ثم العلم، وأن تكون في سن الرابعة عشرة، وزملائي وإخواني يقولون: إنك رجل متشدد في الاختيار، وهدفي من وراء ذلك بناء الأسرة الصالحة؟

الجواب

يا أخي الحبيب! لا بأس أن يطلب الإنسان الشيء في الجملة، إذا علم من الفتاة عفافها وصيانتها وتدينها، وعدم الخضوع بالقول، وعدم الاختلاط بالرجال، هذا كافٍ، لا يشترط بتدين الفتاة أن تكون قد حفظت القرآن والصحيحين والكتب الستة، وإلا ما تزوج في البلد كله إلا أربع أو خمس أو عشر، كذلك يعني الجمال مسألة نسبية فإذا حصل القدر الذي قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: (التي إذا نظر إليها سرته) يعني تشرح خاطره، بمعنى: ألا تكون إذا نظر إليها كرهها أو أبغضها أو فركها أو شيء من ذلك.

كذلك مسألة الحسب والمغالاة فيه، كذلك مسألة النسب وغير ذلك، يا أخي الحبيب! إذا توفرت القاعدة المتيسرة من هذه الشروط أو من هذه المواصفات فالحمد لله، القدر المتيسر من التدين، القدر المتيسر من الجمال، القدر المتيسر من الحسب، والقدر المتيسر من النسب إلى غير ذلك، هذا كافٍ، أما أن تتشدد وتجعل كل هذه وأن تكون متعلمة، وتحدد العلم، قد تكون جيدة وصالحة وحافظة لكن ليست بجامعية، كل الشروط الأربعة توفرت إلا أنها ليس معها شهادة جامعية، إذاً تعطى مهلة إنذار أربع سنوات لإكمال الشهادة، فليس صحيحاً هذا الكلام، أو كذلك تجد كل الشروط توفرت إلا مقداراً معيناً من الجمال، والله ليست تشبه فلانة الفنانة، ليست تشبه فلانة الراقصة، ليست تشبه فلانة، هذه من شروط بعض الشباب الذين لا يهمهم الدين بل يركزون على الجمال، وكما قال الشاعر:

عراقية العينين نجدية الحشا حجازية الأطراف هندية الشعرِ

يا أخي! أنت تطلب حورية ما نزلت بعد، فينبغي للإنسان حينما يؤكد على مثل هذه المواصفات، أن يكتفي بالقدر المتيسر، وألا يتشدد في ذلك.

تشدد بعض الشباب في مسائل النسب فلا يريد إلا من آل فلان، ومن بيت فلان، ومن بني فلان، ما الذي تعلم في نفسك يا مسكين؟ اعلم أن أبا لهب من أهل النار، وبلالاً الأسود الحبشي من أهل الجنة! بسبب التعلق بهذه العنصرية المقيتة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من رأيتموه يتعزى بعزاء أهل الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا) (لينتهين أقوامٌ عن تفاخرهم بأحسابهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان) بعض الناس مسكين أول ما يتكلم في فلان أو علان لا يهمك، فلان ليس من آل فلان، ليس من بني فلان، ليس من القبيلة الفلانية، أرنا مقاييسك أنت؟! ما حظك من العلم؟! ما حظك من الفكر والإنتاج؟ ما حظك من نفع المسلمين؟ ما حظك من نفع الأمة؟ لا.

ليس عندهم شيء إلا أن فلاناً ابن فلان، هذه ما نفعت أبا طالب وما نفعت أبا جهل، وما نفعت الذين هم من صناديد قريش، ومع ذلك لم يكونوا على فوز بما فاز به الصالحون الأبرار من صحبة محمد صلى الله عليه وسلم.