للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استمتاع الزوجين ببعضهما]

كذلك استمتاع الزوجين ببعضهما من المقاصد الواضحة الجلية في هذا، لأن الله سبحانه وتعالى قد خلق في الرجال ميلاً إلى النساء، وخلق في النساء ميلاً إلى الرجال، بل جعل ذلك مما حبب إلى النفس البشرية بطبيعتها الغريزية الفطرية قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:١٤] فميل الرجال للنساء، وميل النساء للرجال أمر جبليٌ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد جاء عنه أنه قال: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة).

أيها الأحبة! والزواج قد يكون واجباً وجوباً متعيناً على المستطيع القادر الذي بدونه ربما وقع في المعصية والفاحشة، فمثل هذا آثم بترك الزواج والنكاح، وهذا ملاحظ للأسف عند طائفة من الشباب، ترى الواحد منهم قادراً مستطيعاً، وترى الواحد منهم يعاني من مكابدة ومعالجة شهوة متأججة، ومع ذلك يؤجل هذا النكاح ويؤخره، ولا تسل بين الفينة والأخرى عما يقع فيه من هفوات وزلات وفواحش وآثام يرتكبها بحجة العلاقة، وبحجة الصداقة، فمثل هذا الشاب القادر الذي نفسه راغبة مقبلة، وإمكانيته والباءة مكتملة، من جهته المادية والبدنية فإنه آثم بتأجيل الزواج وتأخيره، بل يجب عليه وجوباً متعيناً أن يبادر به سيما إذا علمنا أن عدم مبادرته سبيل محقق إلى وقوعه في الفاحشة.

ومن أعظم المخاطر التي وقع فيها كثير من الشباب في ظل هذه القنوات الفضائحية -ليست الفضائية بل الفضائحية- حيث لا تسل عن ألوان وحركات وأصوات وطرق وأساليب إغراء الشباب بالفاحشة، من خلال عرض الفتيات الجميلات الكاسيات العاريات، بل بصور في مواقع مؤججة للغريزة، كاسرة للعفة والحياء، ثم يقع بعضهم ضحية هذا المشهد؛ لينفذ ما رأى؛ متأثراً بسماع هذا الغناء المتكسر، أو كما يسمى بالفيديو (كليب) أو فيديو كلب، الحاصل أنه تتأجج غريزته، ويرى هذه الجميلة الحسناء تتكسر، وهذا يلاحقها ويغازلها، وهي تقبل تارة وتدبر، وتغضي تارة وتفضي، إلى غير ذلك ثم لا يجد أمامه إلا أن يفعل الفاحشة مع قدرته على الزواج الذي يحصنه، مثل هذا آثم آثم آثم بتركه الزواج وهو يعلم أن مثله يقع في الفاحشة -سيما كما قلت- والكثير من الشباب لا يزال يجلد بسياط الصوت والصورة والكلمة عبر هذه القنوات الفضائحية.

كذلك من كان قادراً على الزواج ويستطيع القيام بالحقوق، ولكن لا يخشى على نفسه أن يقع في فاحشة لو لم يتزوج فنقول: وهذا يتأكد الزواج في حقه تأكداً واضحاً جلياً، لكن ليس على درجة الوجوب المتعينة على الأول الذي يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة، لماذا؟ لما في الزواج من مصالح ومنافع وحكم ذكرناها، وأما الذي لا يخشى على نفسه وهو في ذات الوقت غير قادر على أن يقوم بحاجات المرأة العامة والخاصة وغير ذلك فمثله لا ينبغي له أن يدخل في دائرة هو ليس في حاجتها، وهو أيضاً عاجز عن القيام بالحقوق والواجبات، بل ربما يغلب على ظنه أن يوقع المرأة في فتنة بسبب ارتباط هذه المرأة برجل لا يقوم بحقوقها ولا واجباتها العامة والخاصة.