للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحيل بينهم وبين ما يشتهون]

أيها الشاب: لنكن من الذين أبصروا بأعينهم، وسمعوا بآذانهم، وفقهوا بقلوبهم، ولا نكون من الذين لهم أعينٌ لا يبصرون بها، وآذان لا يسمعون بها، وقلوبٌ لا يفقهون بها، وهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً.

أيها الأحبة: علينا أن نعود إلى ديننا أيها الشاب: أدرك نفسك قبل أن يفوتك الأمر، ويحال بينك وبين التوبة، ويبدو لك عند الموت ما ليس في حسبانك، واسمع إلى هذا الأمر قبل ختام القضية يقول لي رجلٌ عن صديقٍ له ضابط من الضباط في سجن من السجون، قال: إذا كان فجر يوم الجمعة جاء كاتب العدل من المحكمة ليكتب وصية الذين سوف ينفذ فيهم حكم الإعدام هناك عددٌ من المجرمين يقتلون يوم الجمعة، إما لحد الحرابة، أو قطع الطريق، أو زنا إحصان، أو فاحشة، أو أمر من الأمور، قال: فبعضهم إذا قيل له: قم لتكتب وصيتك عند كاتب العدل، بكى واسترجع، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! وتجده طوال مدته في السجن يبكي، ولا يفارق سجادته، ولا يفارق مصحفه، ويندم ويكثر من الندم والقراءة والاستغفار في فجر ذلك اليوم الذي سيقتل فيه بعد الظهر، قال: ورأينا شباباً يقال لأحدهم: اكتب وصيتك، فإنك ستقتل اليوم، فيقول: ما عندي كلام، يقال له: خذ هذا المصحف واقرأ شيئاً من كلام الله، فيقول: اتركونا من كلامكم يا مطاوعة، يقال له: نهايتك اليوم، فتب إلى الله، فيقول: عندك سيجارة؟ أو اذهب عني يا مطوع {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} [سبأ:٥٤]، يحال بين الإنسان وبين ما يريد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال:٢٤].

أيها الشاب: إياك أن يحال بينك وبين قلبك!