للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[متى يتعين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على بعض أفراد الأسرة]

أيها الأحبة في الله: معلومٌ أن الآمر إذا كان أقدر على التغيير، وأحرى بالقبول والاستجابة، وكان مظنة أن يؤتمر بأمره وينتهى عن نهيه، فإن ذلك يعني تعين الأمر والنهي وتعلقه به أعظم من غيره، فمن يعلم أنه إذا أمر استجيب لأمره، فإنه يكون الأمر والنهي في حقه واجباً متعيناً متعلقاً على رقبته، يحاسبه الله عليه ويسأله عنه، لأنه قد ملك السلطة والإرادة، فكذلك الأب والأم ولهم السلطة والمسئولية على أفراد الأسرة جميعاً يتعين عليهم تعيناً ليس بالقدر الذي يتعين ربما على الأخ أو الأخت أو القريب؛ لأن أولئك مظنة إن أمروا ائتمر لأمرهم، أو نهوا انتهي عما نهوا عنه، أو دعوا استجيب، أو نصحوا استمع لنصيحتهم، فأولئك يتعين عليهم من الأمر والنهي والحساب والمعاتبة عليه ما لا يتعين على غيرهم، ومعلومٌ أن في الأسرة من الاعتبارات الداعية إلى الاستجابة والانقياد ما لا يكون في غيرها، وهي في الغالب القوامة، القوامة من الاعتبارات التي تدعو إلى أن يكون الآمر يؤتمر لأمره، والناهي ينتهى عما نهى عنه، والسلطة والمحبة والاحترام كقوامة الرجل على زوجته مدعاة لقبول الزوجة أمر الزوج ونهيه في مرضاة الله، وحب الزوجة لزوجها مدعاة لذلك، وسلطة الأب وهيبته في نفوس أفراد أسرته مظنة، بل داعية إلى القبول والاستجابة، ومحبة الأولاد إلى الأبوين مدعاة إلى استجابة أفراد الأسرة للأبوين، وإذا علم هذا تبين أنه يتعين على أفراد الأسرة تجاه بعضهم من الأمر والنهي ما لا يتعين على غيرهم بنفس القدر والدرجة، فالذي يتعين عليك في أمر أختك أو في أمر أخيك بالمعروف ونهيه عن منكر واجبٌ عظيمٌ، وليس بالقدر الذي يتعين عليك في أمر جارك أو في أمر أبناء جيرانك أو في أمر بقية الأقارب ولو كانوا على درجة قريبة أو بعيدة في أمر القرابة، إذ الواجب في حقهم آكد منه في حق غيرهم، والإثم الذي ينال أفراد الأسرة بترك العمل والنهي ربما كان أعظم من الإثم الذي ينال غيرهم حال ترك الأمر والنهي.