للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشباب نبض الأمة]

حديثنا اليوم توجيهات إلى الشباب؛ شبابنا الذين هم أثمن ما نملك في هذه الأمة وإن الأمة لا تقاس بالأطفال ولا تقاس بالكهول والشيوخ والعجائز، وإذا أصاب الأمة أو داهمها خطبٌ أو فاجأها أمر من الأمور؛ فإن أول ما يسأل عنه لا يسأل عن عدد الأطفال فيهم، ولا يسأل عن عدد العجائز والشيوخ فيها؛ وإنما السؤال عن الشباب، كم شبابها؟ ما مستوى تدريبهم؟ ما مستوى تجنيدهم؟ إلى أي درجة يتقنون الكر والفر والقتال والسلاح؟ ما درجة تعليمهم؟ ما درجة ثقافتهم؟ ما هي اهتماماتهم؟ ولأجل ذلك فإنّا أيها الأحبة لا نعجب حينما توجه المحاضرات تلو المحاضرات، والكلمات تلو الكلمات، موجهة إلى إخواننا الشباب؛ لأنهم هم مقياس قوة أمتنا؛ فإن قوي شبابنا فأمتنا قوية، وإن ضعف شبابنا؛ فأمتنا ضعيفة، وإن كان شبابنا على درجة من الوعي فأمتنا واعية، وإن كان شبابنا على مستوىً يندى له الجبين من الغفلة فأمتنا غافلة، إن كان اهتمام شبابنا بالجهاد والدعوة والعلم والعمل والإنتاج والقيادة والريادة والبحث والفكر والتطبيق والتنافس والتجربة؛ فأمتنا أمة ناهضة، وإن كان اهتمام شبابنا بالطبل والمزمار والناي والوتر والعود والرواية الجنسية والقصص التي لا تليق والأغاني الماجنة إذا كان هذا وضع شباب الأمة فأمتنا أمة متردية، وما من شيءٍ بدأ في انحدار إلا سقط في غاية الهوة وفي منحدرها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولكن إن من سنن الله عز وجل أن جعل لكل داءٍ دواء، وأن جعل لكل سقمٍ علاجا، فإذا كنا نرى من طائفة من شباب أمتنا أمراض الغفلة، وأمراض الشهوة، وأمراض الشبهات، إذا كنا نرى من شباب أمتنا إعراضاً أو تشاغلاً أو حيلاً وخططاً ومكائد دبرها الأعداء فانطلت على بعض الشباب، فإن ذلك مرضٌ وفي القرآن علاج؛ علاجه الدعوة والذكر والموعظة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:١٢٥] {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:٣٣] {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥] (نظر الله امرأً سمع مقالةً فوعاها، فبلغها كما سمعها، فرب مبلغٍ أوعى من سامع) (من دل على هدىً؛ فله أجره وأجور من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً).

إن كانت الأمة مصابةً بمرض الغفلة والمعصية، ومرض الشهوة والشبهة، فإن علاجها أن تعود إلى الله، إن الله لن يهلكنا ويعذبنا إذا كنا أمة مستغفرةً واعظةً مصلحة {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:٣٣] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧] ولم يقل: وأهلها صالحون، وإنما قال (مصلحون) فإذا وجد في الأمة في القرى والمدن والبلدان من يسعى لإصلاح الفساد، ومن يسعى لردع الصدع، وإنكار المنكر، ونشر المعروف والأمر به والتواصي بالحق والصبر، والبذل الدءوب، والسعي الذي لا يعرف الكلل والملل، إن كان في الأمة من يعيش هذا الهم ومن يدرك هذه القضية، فإن الأمة لا تهلك بإذن الله {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧].