للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستهزاء بجناب الربوبية]

أيها الأحبة: إن من صور تخبط الشباب اليوم، وانشغالهم عن تسديد الهدف إلى الغاية الصحيحة، بل سددوا الأهداف إلى غايات لا يزال الواقع يثبت يوم بعد يوماً أنها غايات ضالة منحرفة كما قلت آنفاً؛ أنهم سددوا الأهداف بالإعجاب والتقدير، والإكبار والاحترام لأنجاس المجتمع وأوساخه، إن لم يهدهم الله عز وجل.

أيها الإخوة: هذه قصاصة من جريدة تقول هذه القصاصة: بعد تجربة السجن الفنان سعيد صالح يتطلع لتقديم فن هادئ، سعيد صالح كما تعلمون ويعلم الكثير أنه ممثل كوميدي مصري، وليس عيباً أنه من مصر، بل إذا ذكرت مصر نفتخر بها فمنها: ابن شهاب وفيها الليث وفيها أئمة كبار، والإمام الشافعي رحمه الله، له مذهب قديم وجديد، أحدهما في مصر، لكن العيب أن من الشباب من يعطي هؤلاء الفنانين غاية التقدير والاحترام، والقضية ليست قضية عادية، بل هي كما يقول الخبر.

لم يكن يوم السادس عشر من أكتوبر تشرين الأول في العام الماضي يوماً عادياً في حياة الفنان الكوميدي سعيد صالح -أولاً: لا شماتة، قولوا: اللهم لا تجعلنا من الشامتين، ووالله ما أسوق هذا الخبر شماتة، ولا يجوز أن يشمت الإنسان بأحد؛ لكن أقول انظروا أيها الشباب، يا من تعلقت بالفن، أو تعلقت بالفنانين أو تعلقت بالممثلين، انظر من تتعلق به، انظر من تتعلق بهم، وحاشا أن يكون فيكم إن شاء الله من يتعلق بأمثال هؤلاء، لكن هذا من باب التحذير، يقول: لم يكن يوماً عادياً في حياة الفنان سعيد صالح، إنما هو يوم الإفراج والعودة إلى الضوء والنهار، والشارع والأحباب والجمهور بعد غياب دام ثلاثمائة وسبع وستين يوماً وأربع ساعات قضاها خلف جدران سجن الحضرة بقلب الإسكندرية بتهمة تعاطي المخدرات.

الله أكبر! سنة في السجن وفضيحة، أسأل أن يسترنا ولا يفضحنا، ونسأل الله أن لا يهتك علينا أستاره، وأن لا يفضح أسرارنا، وأن يجعل باطننا خيراً من ظاهرنا، ولا نقول هذا شماتة، لكن نسأل الله إن لم يهدهم أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

أحدهم في تمثيلية من التمثيليات كان يتكلم وهو صديق لهذا الفنان، اسمه سمير غانم كما أخبرني بعض الإخوة، وأراني المشهد يقول: كان يتكلم عن حمار له، ولم يكن الحمار حاضراً في مكان الكلام، كان الظاهر في تمثيلية أو مشهد اسمه (جحا يحكم المدينة) فكان يتكلم عن شخص اسمه عبد الهادي، قال له المحقق الضابط: أين عبد الهادي؟ قام ودخل الحمار وقال هذا عبد الهادي، ليس هذه المشكلة، المشكلة أنه كان يناقش المحقق، يقول: هذا هو عبد الهادي؟ قال: (ده ربنا خلقه لحد ركبته وقال له: كمل أنت الباقي).

يا إخوان: هذه كلمة خطيرة ربما الإنسان يشرب الخمر فيتوب، وربما الإنسان يزني فيتوب، وربما الإنسان يفعل اللواط فيتوب، ولكن تستهتر برب العالمين وتقول إن الله خلق هذا الحمار إلى ركبته وقال له كمل أنت الباقي، فهذا خطره عظيم وعقابه جسيم؟!! فأين الغيرة لله؟! أين الغيرة على تعظيم الله وجلال الله: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح:١٣] إذا كان تعظيم حرمات الله من تقوى القلوب، فما بالك بتعظيم الله عز وجل، أعظم التقوى تعظيم الله سبحانه وتعالى، نعم قد يخطئ الإنسان لكن لا يبلغ به الأمر إلى أن يسخر ويستهزئ بالله عز وجل.

وأنا لم أصدق هذا حتى رأيته بعيني وسمعت بأذني، وكتبت في هذا كتاباً إلى الجهة المسئولة.

أيها الشاب: يا من تتعلق بمثل هؤلاء الممثلين، أو فنان أو مطرب أو نجم أو أو.

كما قلنا في مايكل أو غيره، هذا يقول: لو كان العرب يسمعون لي ما غنيت، أغني للخنازير ولا أغني للعرب، وهذا يستهتر بربك ويقول: هذا خلق حماراً وقال له: (كمل أنت الباقي) ألا له الخلق والأمر وحده لا شريك له، ليس لأحدٍ أن يخلق ذبابة فضلاً عن أن يخلق أو يكمل الباقي من خلقه، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:٧٣].

لا يستطيعون أن يخلقوا ذبابة، وهذا يقول: (أنت لا تعرف عبد الهادي، ده ربنا خلقه لحد ركبته وقال له: كمل أنت الباقي) ووالله لو أن رجلاً سخر بأمك واستهزأ بأمك وقال أمك التي هي كذا وكذا، لن تطيق، ولا أحد يطيق أن يسمع أحداً يستهزئ بأمه أو بأبيه، فما بالك وأنت تسمع من يستهزئ بربك؟! ومن الغيرة أن يكون الإنسان غيوراً على حرمات الله وعلى عظمة الله عز وجل.

يقال في بلد من البلدان أن ضابطاً كان يحقق مع رجل في تهمة من التهم فقال المجرم: أنا معترف كذا (وأرجو على شان الله) أن تتركها لي، فقال الضابط: ما هذا ربك، ولو جاء ربك لأسجننه معك، فقام المجرم، وأخذ الخرامة التي كانت على الطاولة وضرب بها وجه الضابط، وقال: انظر يا حيوان! اجلدني اضربني اقتلني واعمل الذي تريد؛ لكن لا تتجرأ على الله، وتتكلم عن ذات الله، تتكلم عن جناب الله عز وجل فيما لا يليق، افعل ما تشاء ولا أسمح لك أن تفعل هذا الشيء.

فيا أحبابنا: نحن لا نريد أن نتمادى بالإعجاب بفن أو لهو أو بمنكر إلى درجة أن يصبح الواحد يسمع هذا الفن أو يسمع هذا العفن الحقيقي، يسمع فيه ما يسمع ثم بعد ذلك يسكت ويضحك، للأسف أن هذه التمثيلية (جحا يحكم المدينة) انتشرت وشاعت وتناقلت، وقل أن تسمع مسلماً يغار، أين الغيرة على حرمات الله وفي ذات الله، وفي جنب الله عز وجل؟ هذا خبر طويل عن سجن هذا الفنان، نسأل الله ولنا ولهم الهداية، وإن كان في علم الله أنهم لا يهتدون، نسأل الله أن يريح المسلمين من شرهم ومن فسادهم.