للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غرور قارون]

ولقد جاء في القرآن الكريم أمثلة لمن نالوا شيئاً من القوة، فبلغ بهم ذلك إلى حد الغرور، فمن أولئك قارون الذي بلغ قوة مالية عظيمة، حتى {إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص:٧٦] مفاتيح خزائنه التي يودع فيها الذهب والجواهر لا تستطيع العصبة من الرجال أن يحملوها، هذا حجم ثقل المفاتيح التي هي مفاتيح الخزائن التي يودع فيها الأموال فما ظنكم بحجم أمواله! ولما نال هذه القوة ولم يسخرها لما أمره الله سبحانه وتعالى؛ أصابه داء العجب والغرور، فقال: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص:٧٨] وخرج على قومه في زينته، وأخذ الناس ينظرون إليه، ويقلبون الطرف فيه، وبعضهم قال: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ} [القصص:٧٩].

إن بعض من ترونهم يتقلبون في جنبات القوة، قد ترى من الناس من يحسدهم ويتمنى أن ينال منزلتهم، ولكن فيما بعد أولئك الذين يتمنون مكانة الأقوياء في جوانب عديدة، يقولون: الحمد لله أن لم نكن مثلهم، وكان نهاية هذه القوة المالية التي لم تربط تسخيراً وإخضاعاً لأمر الله ونهيه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص:٨١] أهذه نهاية القوة التي أفضت بصاحبها إلى الغرور؟!! وبعد ذلك كانت عاقبته وخيمة أن خسف به وبداره الأرض وبكنوزه ومفاتيحه فلم تغنِ عنه شيئاً أبداً.