للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جملة من مقاصد الشريعة في الحدود]

والله جل وعلا قد شرع لولاة الأمر أن يجعلوا القتل من باب السياسة الشرعية لقطع دابر الفساد والمفسدين.

أيها الأحبة في الله: جاءت الشريعة لتحفظ المجتمع بضوابط معينة، وبعد ذلك وُجدت العقوبات لمن تعدى هذه الضوابط، جاءت الشريعة برجم الزاني المحصن، وبجلد الزاني البكر، بعد ماذا؟ بعد نهي النساء عن التبرج، وبعد أمر الناس بغض أبصارهم، وأمر النساء بغض أبصارهن، وبعد أمر البنات والنساء بالقرار في البيوت، فمن تعدى هذه الدائرة من القيم، ومن تعدى هذه الدائرة من التشريعات والمبادئ السامية، عند ذلك كانت العقوبات حداً واقفاً في نحره.

من هنا -أيها الأحبة- نعلم أن نعمة الله علينا في هذه البلاد عظيمة، يوم أن نرى السيف يجز رقبة القاتل، فيتدحرج رأسه أمام البشر، وتسيل الدماء من عروقه وبدنه، لكي يرتدع من تسول له نفسه القتل، ولكي يحمد الله من رأى ذلك على نعمة الأمن والطمأنينة.

إن من نعم الله أن نجد يد السارق معلقة مقطوعة ليراها الناس فيزدجروا، ويرتدعوا عن أخذ أموال الناس بالباطل، والاعتداء على حروز منازلهم وأموالهم، أو أخذها بالقتل، والنهب، والسرقة.

إنها لمن نعم الله أن نرى شارب الخمر يُجلد، لكي يرتدع عن التمادي فيها، حتى لا يجره ذلك إلى الوقوع في ألوان من الآثام والعقوبات.

إنها لمن نعم الله، أن يُرجم الزاني المحصن، وأن يُجلد الزاني البكر، فإنها لمن أعظم نعم الله التي نحمد الله عليها.

ووالله ثم والله ثم والله ما نعمتم بأمن في مجتمعكم إلا بتطبيق الشريعة، وعلى أهم جوانبها جانب الأمن والحدود والعقوبات، ولولا ذلك لعجز بعضكم أن يذهب بماله من المصرف إلى بيته، ولخشي بعضكم أن يخرج في هزيع الليل، ولخاف بعضكم أن يترك بابه مفتوحاً، ولو للحظة واحدة، ولكن يوم أن ثبت الله سلطان الشريعة، وهيبتها في القلوب على كثير من البشر، ارتدع كل ظالم عن ظلمه، أو من تسول له نفسه، وبقيت شرذمة فاجرة قليلة، لا تزال رجال الأمن تتعقبها بما حقق الله لهم من سلطان الكتاب والسنة، وبما أوجب عليهم من واجب حفظ الأمن في المجتمعات.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.