للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر الإشاعات على الأمم والمجتمعات]

الحمد لله، الحمد لله الذي مدح عباده الصادقين في القول والعمل، وأمرنا بأن نكون معهم، فقال جل من قائل عليم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:١١٩] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن مما ابتليت به كثير من الدول والمجتمعات في هذا الزمان مرض اجتماعي خطير له أثر خبيث في إفساد القلوب، وإثارة الشحناء، ونشر العداوات، وإفساد الأحوال بين الراعي والرعية، ذلكم المرض هو مرض الإشاعات، أو مرض الشائعات، الإشاعات المختلقة، والأخبار الملفقة يسمعها بعض أفراد المجتمع من بعض، فيعملون بها عمل الجن يوم يسترقون السمع من خبر السماء، فيسمعون كلمة واحدة، فيزيدون عليها مائة كلمة، ثم ينقلها الناس في الآفاق، وينقلها بعضهم إلى غيرهم حتى تصبح إشاعةً يسير بها الركبان والسيارة بين الغادين والرائحين، والذي ينبغي أن يعلمه كل مسلم غيور على الأمن الخارجي والداخلي، غيور على الأمن النفسي لكافة أفراد مجتمعه وأمته، أن نشر الإشاعات التي لا أصل لها ولا حقيقة لها ولا زمام ولا خطام مما قد يسبب ويثير الخوف والبلبلة بين أفراد المجتمع، ولا ينبغي للمسلم أن يتحدث في المجالس والاجتماعات بكل ما سمعه، أو نقل إليه من هذه الشائعات، ولا ينبغي له أن يتتبع أثر هذه الإشاعات كأنه حفيٌ عنها، أو مكلفٌ بها: (فبئس مطية الرجل زعموا، وكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:٦] فالتثبت من الأخبار مأمورٌ به شرعاً.