للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المنافقون والعلمانيون وخطرهم على المجتمع]

إن هذا المجتمع مع صبغته الإسلامية وصفته الإسلامية لا يمتنع أن يوجد فيه العلمانيون، ولا يمتنع أن يوجد فيه المنافقون، كيف نغالط الحقائق أو نزور الأمور على أنفسنا ونقول: ليس في مجتمعنا منافقون أو علمانيون وقد وجدوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو سلم مجتمع من المنافقين لكان أولى المجتمعات سلامة من المنافقين أصحاب الوجوه الذين يدخلون بوجه ويخرجون بوجه، ويظهرون بكلام ويبطنون ضده، ويصدق فيهم قول الله جل وعلا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة:٢٠٤ - ٢٠٦] لو سلم المجتمع من أولئك الذين يودون العنت والمشقة لنا، ولا يألوننا خبالاً، وفيهم وفي مجتمعهم سماعون لأهل الباطل وأهل الضلالة، وربما يفرحون مع أذنابهم أو من ينتسبون إليهم في أفكارهم شرقاً وغرباً على كل مصيبة كانوا يتربصون الدوائر بها على المسلمين والمؤمنين.

فيا معاشر المؤمنين ينبغي أن نفهم جيداً أننا في مجتمع يختلف عن سائر المجتمعات، وهذا المجتمع من أول خصائصه أن العالم الإسلامي ينظر إليه نظرة تختلف عن النظرة لسائر الدول والبلدان، إذا قلنا: المملكة العربية السعودية هل سيتبادر إلى أذهان السامعين المجوسية؟ أو النصرانية؟ أو اليهودية؟ أو يتبادر إلى أذهان الناس القاديانية والباباوية والنصيرية والدرزية؟ لا.

لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن من سمع اسم هذا البلاد إلا دين الإسلام، وإذا ذكر الإسلام فأول بلاد تتبادر إلى الذهن هي هذه البلاد، وليس غروراً ولا إطراءً ولا إسرافاً في المديح، إن الإسلام والبلاد هذه وجهان لعملة واحدة، إن الإسلام وهذه البلاد هما وجهان لعملة واحدة، ولا يعني ذلك سلامة مجتمعنا من الأخطاء والنقائص أو انعدام وجود المنافقين في المجتمع، فهذه أمور قد وجدت في عصور الخلافات الراشدة، وفي عهد النبوة صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وفي سائر عصور التاريخ.

إذاً فما واجبنا؟ واجبنا أن نبدأ بكل صدق وبكل حق لإصلاح مجتمعنا، نحن في بيت قد أسس بنيانه وأقيمت أركانه واستتب نظامه، فما شأننا إلا أن نصلح الخلل في نوافذه، وأن نصحح الخلل في أبوابه، وأن نتتبع ثغرات النقص في جوانبه، هذه صرخات الدعاة، وصرخات المصلحين، وهذه صرخات الغيورين التي فسرها الفجار وفسرها الفساق بأن وراءها ما وراءها، وبأنها تريد الضلالة وتريد الفساد، وتريد أن ينفرط نظام عقد هذا المجتمع أو أن تنقلب طمأنينته قلقاً وفزعاً لا والله، ما هكذا شأن الدعاة، ولا شأن الأبرار، وما هكذا شأن الأخيار، مع أننا وفي قرارة علمنا أن هذا لم يدر بخلد أحد إلا بخلد المنافقين.