للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في حقوق الزوج]

ومن الأحاديث الواردة في هذا ما رواه أبو داود في سننه من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن) لما جعل الله لهم عليهن من الحق، ويؤكد ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها.

قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟ قال: أمه) رواه البزار والحاكم بل إن محافظة المرأة على حقوق الزوج يعد عملاً وعبادة جليلة تبلغ في ثوابها بالمرأة مبلغ ثواب الرجال من الجهاد في سبيل الله، ومصداق ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنه (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم -وفي بعض الروايات- أنها أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية الأشهلية قالت: يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلوا فهم أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معاشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج والاعتراف بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعلن).

وجاء في بعض الروايات أن أسماء رضي الله عنها جاءت فقالت: (يا رسول الله! ذهب الرجال بحظهم من الأجور: يسمعون حديثك، ويغزون معك، ونحن معاشر النساء طاهيات طعامكم، وغاسلات ثيابكم، وحاضنات أولادكم، فما لنا من ذلك يا رسول الله؟ -أي: ما لنا من الثواب والحظ والأجر؟ - فقال صلى الله عليه وسلم وقد التفت إلى الصحابة رضوان الله عليهم فقال: هل سمعتم سؤالاً أحسن من سؤال هذه؟ قالوا: لا يا رسول الله! فالتفت إليها صلى الله عليه وسلم فقال: اسمعي وأخبري من وراءك إن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله) أي: إن حسن المعاملة، وحسن الخضوع، وحسن الاستسلام للقوامة، وحسن الرعاية، وأن تكون امرأة عروباً متحببةً متوددةً إلى زوجها أن ذلك يجعل لها من الثواب ما يعدل ثواب من يجاهد ويغزو ويحج ويجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم.

بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) رواه الإمام أحمد والطبراني أليس ذلك كله دليل على عظم حق الزوج وعلى عظيم منزلته؟ فأين كثير من النساء عن هذا؟! إن كثيراً من النساء قد استطلن في أعراض أزواجهن غيبة ونميمة، وإن كثيراً من النساء قد امتلأن بغضاً وحقداً وكراهية على أزواجهن، إن كثيراً من النساء قد تسلطن في تحقير أزواجهن أمام أولادها وأولادهم، إن من النساء من تكون سبباً في تقزيم وتصغير وتحقير مكانة الزوج ومكانة الأب أمام أولاده من حيث تشكو وهي تدري أو لا تدري أنها تجعل التوجيه والريادة والسيادة لغير الوالدين من خلال هذا الكلام الذي تقوله، لعله بسبب حفنة من المال منعت ولم تعطها، أو بسبب مناسبة زفاف أراد زوجها ألا تحضرها لمنكر من المنكرات يعلمها في ذلك الزفاف، أو لأمر ومصلحة يقدرها الزوج ولا تقدرها المرأة.

يقول ابن قدامة في المغني رحمه الله: وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه لقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:٢٢٨] وكذلك صاحب كشاف القناع واستدل بالآية والحديث: فهو أمر عظيم متأكد لا جدال فيه، فأين الذين يحاربون القوامة اليوم زاعمينها استعباداً؟ أين هذا من هذا؟! وأين الذين يحاربون الأسرة ويزعمونها سيطرة وقيداً وقفصاً حديدياً؟! أين هم من إدراك هذه المسائل والفضائل؟! بل أين المرأة التي تنساق وراء دعاوى مضللة وشبه كاذبة من هذا؟ ألا تطمع المرأة في جنة عرضها السماوات والأرض؟ ألا تطمع في أن تصل عليها الملائكة وتدعو لها؟ ألا تطمع في أن يرضى ربها عنها؟ ألا تخشى من لعنات الملائكة المتتابعة؟ ألا تخشى من سخط الله عليها؟ ألا تخشى من عقوبة الله أن تحل بها بسبب نشوزها أو إعراضها أو ارتفاعها أو تكبرها عن طاعة زوجها والاعتراف بحقوقه؟!