للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إبراهيم يجادل قومه]

إن إبراهيم عليه السلام لما جاء يحاور قومه قال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء:٥٢] فأجابوه: {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} [الأنبياء:٥٣] فقال إبراهيم: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء:٥٤] فاستفهمه المقلدون: {أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} [الأنبياء:٥٥] فأجابهم في صميم الحوار والقضية، فقال: {بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [الأنبياء:٥٦] ثم سألهم أخرى: {مَا تَعْبُدُونَ} [الشعراء:٧٠] فقالوا: {نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء:٧١] فاستفهمهم ليوبخهم وليقلع جذور التقليد وعروقه من قلوبهم، فقال: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ} [الشعراء:٧٢] هل هذه الأصنام والأوثان وما تعبدونه من دون الله: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} [الشعراء:٧٢ - ٧٣] فأجابوه مرة أخرى في غفلة المقلد وأسر التقليد: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء:٧٤] واستمر عليه السلام يحارب هذا التقليد فيهم.

ولكن الله عز وجل قد بين لنا تأكيداً لحال أولئك أن إذا وجدت أيها النبي أو أيها الداعي أو أيها العالم أو أيها المرشد ما عليه من إصرار هؤلاء فلا تك في مرية من الحق الذي أنت عليه، بل الداء فيهم وليس فيك، والعيب فيهم وليس في منهجك، والعلة في طريقتهم وليس في شرعك: {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود:١٠٩] فلا تك في مرية، لا تك في شك من أمرك، فإن هؤلاء يعبدون الباطل والجهل والظلال: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} [الصافات:٦٩ - ٧٠].