للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أضرار الخمر على الأمة وشبابها]

أيها الأحبة! ماذا يفوت الأمة؟ وماذا يحصل من الشر العظيم والوباء العميم بالتساهل بهذا الداء العضال والتهاون في وجوده وعقوبة متعاطيه ومعاقريه؟ كم تكسب الأمة من إنتاج أبنائها وحصاد عقولهم لو سلمت من هذا الوباء وذاك المنحدر الآسن؟! أليس في الخمرة هدر طاقات الشباب في هذه المحرمات؟ أليست تفوت اغتنام واستغلال القوة في البناء والدفاع والتعليم والأمن والدعوة؟ أليست تضيف أعباءً جساماً على أجهزة الأمن والقضاء والعدالة؟ يقول أحد الفضلاء: زرت سجناً من السجون فتوجهت إلى عنبر أهل الخمور والمخدرات والمسكرات فوجدت كوكبة ليست بالقليلة فقلت: يا سبحان الله! أولئك لو كانوا طليعة في جهاد، أو سرية في دعوة، أو جيشاً في نشر عقيدة، أو دعاة في محاربة بدعة، أو قادة، أو معلمين، أو بنائين، أو صناع، أو أي مهنة من المهن كم يكون نفعهم في الأمة، وكم يكون نفع الأمة منهم؟ ولكن بقطرات تتلوها قطرات.

وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها

فلا يفيق صاحبها منها، قطرات تلو قطرات يسكر صاحبها فيرى أنه يدبر البيت الأبيض، ويأمر ويزمجر في الكرملين، وينهى ويبطش في الشانزلزيه، وكما قال البدوي الأول:

وإذا سكرت فإنني رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعير

يسكر على خيال من العظمة وجنونها ويفيق على هوان من الذلة بألوانها! وحسبكم أن شارب الخمر يفوته أعظم مصلحة وهي انقطاعه عن ذكر الله وعن التفكر في مخلوقات الله والتسبيح والتحميد والتكبير لله جل وعلا.

وإن الذي دعا إلى الحديث عنها أنها دبت وسرت سريان النار في الهشيم في بعض المجتمعات وبعض البيوت، حتى إن بعض من ينسبون أنفسهم إلى صنف معين أو فئة معينة يرونها من كمال الحسب ومدارج الرتب، وما هي إلا دركات تفضي إلى النار ولا حول ولا قوة إلا بالله.