للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكي تجعل بيتك خالياً من المعاصي

السؤال

كيف أستطيع أن أجعل من منزلنا أو بيتنا بيتاً إسلامياً ليس فيه معصية، وبذلك أقي نفسي وأهلي من وقود النار؟

الجواب

اعلم -يا أخي الكريم- أنها أمنية كل واحد، وكل واحد يجب أن يجعل من بيته أسرة مسلمة في مجتمع مسلم، وعلى أية حال -بالمناسبة- هذه البلاد الطيبة المترامية الأطراف، الشاسعة الأنحاء، ليس غريباً عليها أن تكون مشعلاً وقدوة ونبراساً وإماماً لدول العالم أجمع، والعالم الإسلامي خاصة؛ لأن أهلها أهل عقيدة، وأرضها أرض رسالة وتجديد عقيدة، بل الغريب أن نجد البعد عن الالتزام.

من واجبك -يا أخي الكريم- أن تسعى إلى بذل الحب والندى واللطف والمودة لأهلك وأهل بيتك، حينما أريد أن أنصح من يكرهني فاعلموا أنه لن يسمع مني؛ لأن من يبغضني لن يسمع مني صرفاً ولا عدلاً، لكن إذا أحبني سمع مني، فأول خطوة أفعلها: أن أتودد وأن أتحبب إلى أهل منزلي: أبي وأمي وإخوتي وأخواتي، هذا بالهدية، وهذا بالتواضع والخدمة وكف الأذى والإيثار والبشاشة وعدم رفع الصوت وخفة النفس معهم، لا أن أكون ثقيل المنام، ثقيل الفراش، كثير الأوامر والمطالب، طويل اللسان، متعدد الأوامر، ثم آتيهم: اتقوا الله، النار حارة، النار باردة ولا يسمعون شيئاً، لا فائدة من الكلام هذا؛ لأنهم يرون رجلاً ثقيل النفس.

لكن حينما يجدون قبل كل شيء الذي يأمرهم حبيباً لطيفاً خفيف الظل ليس ثقيلاً عليهم دائماً يقدم لهم الهدية يخدمهم لا يكون أنانياً همه نفسه يحبهم يتدلل أو يتفنن في أساليب مرضاة والديه، عند ذلك -أيها الإخوة- تجدهم يحبونه، فإذا أحبوه حينما يقول لهم يسمعون، وحينما ينصحهم ينتصحون، وحينما ينهاهم ينتهون.

أذكر أحد الشباب -الله يذكره بالخير- هو الآن إمام مسجد في الرياض، كنا إذا زرنا، نقول: أين أبو فلان؟ يقول: الطبراني ما بعد جاء.

يضحك عليه يسميه الطبراني، أين هو؟ والله الطبراني ذهب المعرض ذاك.

ومع ذلك كان كثير المزاح مع والده، خفيف الظل، خفيف النكتة والمرح مع والده، ليس أنانياً، واستطاع بفضل الله أن يجعل من والده الحليق لحية طيبة مباركة، ومن ذلك البيت المنفلت أسرة صالحة، ومن ذلك المجلس الذي يجلسه والده مع أصدقائه وشلته مجلس قراءة في كتاب الله أو في التفسير بماذا؟ بحسن الخلق.

يا إخوان قبل أن نقول للناس: هذا حلال وهذا حرام، ينبغي لا ينبغي، يجوز لا يجوز، ينبغي أن نعرف أولاً هل هم يحبوننا أم لا؟ هل رأوا فينا القدوة الصالحة أم لا؟ هل وجدوا فينا مسابقة ومسارعة إلى تطبيق ما نأمر أم لا؟ فحينما يجدون هذه الصفات التي تكسر حواجز العلاقات، بل تفتح سبل المودة وتمهد الطرق للمحبة عند ذلك يسمعون منا ويتأثرون بنا.

وأقول لك: لا تقصر أو تبخل عليهم بكل جديد من الأشرطة والرسائل الطيبة، وأيضاً الأمور النافعة، يعني: تجد بعض الشباب يومياً شريط، يومياً رسالة، لكن ما يوم من الأيام أعطاهم مثلاً وجبة أو ساندويتشات أو عطور أو أقمشة أو أشياء جميلة، دائماً كتاب أو رسالة، يوماً رسالة، ويوماً ساندويتش، ويوماً كذا، فجدد عليهم يقبلون هداياك، وبين الفينة والأخرى ساعة وساعة.

أسأل الله أن يبارك فيك، وأن يصلح بيتك وسائر بيوتنا أجمعين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.