للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مدى دور الأسرة]

الأسرة لها أكبر دور في التربية وذلك في مراحل الطفولة، المدرسة تشاطر الأسرة هذا الدور أو تماثلها، وكذلك في مراحل ما قبل المراهقة، وبعد ذلك ما لم يكن للمدرس دور عظيم في توجيه المراهقين، في المرحلة الثانوية ونهايات المتوسطة، فتكون هناك تصرفات غريبة وعجيبة.

أما وسائل الإعلام فلها أثر في قضية التربية منذ الطفولة حتى أكبر سن، الجهات التي تتنازع حصتها في التربية أيضاً دورها محدود في زمن معين، لكن وسائل الإعلام -ولست بهذا أشتم في الإعلام أو أتكلم في الإعلام- لكن أقول: للإعلام دور إما أن يوجه نحو الصلاح، وإما أن يوجه نحو الخراب، إما أن يوجه نحو الخير أو نحو الشر، ودور الإعلام لا يقف عند مرحلة معينة، بل دور الإعلام منذ الطفولة حتى سن متقدمة ومتأخرة.

يحدثني شاب يقول: والله أخي ليس عنده استعداد أن يتزوج، يقول: لازم أحب قبل أن أتزوج، جاءه هذا الحب من فيلم فيديو أو مسلسل رآه، المهم هو لا يرى عملية الزواج تتم إلا بحب، بغرام، باتصالات إلى آخره، وبعد ذلك تحصل قضية الزواج.

يابن الحلال تزوج، يقول: سأصبر وأحب ومن ثم أتزوج، ومن هي شقية الحظ التي ستحبك على هذا الوضع، وقد كبر الرجل في السن، لكن لا يزال للإعلام دور مؤثر في شخصيته.

تصوروا مجتمعاً من المجتمعات؛ مجتمع عفة وطهارة يغزى بالأفلام والمسلسلات، يرى من خلال هذه النافذة العالم المنفتح كما يسمى، وهو العالم المنفلت وليس المنفتح، يرى هذا الوضع المتدهور، يريد أن يقضي هذه الغرائز في إطار معين، يقف أمام أمرين: إما أن يسافر ويفعل ما بدا له، لا أحد يخاف على نفسه ما دام بعيداً، يريد أن يفرغ ما في رأسه، وفي موقعه هنا يخاف، لأن الشريعة مطبقة والحدود تقام.

يا أخي كم تنفق في سفراتك؟ كم تنفق في كذا؟ ينفق الكثير الكثير، يا أخي ألا ندلك على فتاة بلغت ثلاثين سنة من عمرها تتزوجها، يكون لها دور في الحياة، يعطيها الله جل وعلا ذرية بسببك، يكون لك دور في تكثير نسل أمة محمد، يمكن أن يهب الله لك منها بنتين: (من عال جاريتين حتى تبلغا كانتا له ستراً من النار يوم القيامة) يصيبك خير عظيم من جراء تطبيق قضية شرعية، وقضاء الحاجة والغريزة في إطار بناء الأمة والمجتمع.

يقول لك: لا، التعدد! مجنون أنت! التعدد مصيبة! وكل ذلك نتيجة الأفلام والمسلسلات التي رآها.

نقول أيها الإخوة: خلاصة للفكرة أن الجهات التي تتنازع حصتها في قضية التربية من الفرد في المجتمع، البيت والمدرسة والكلية ووسائل الإعلام، البيت له دور محدود، وما لم يضبط هذا الدور بهذه المرحلة، فبعد ذلك لن يستطيع الأب أن يوجه إلا برحمة من الله.

إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا يلين إذا لينته الخشب

ما دام هذا الطفل غصناً غضاً طرياً، تستطيع أن تثنيه كيفما شئت، فيمكن أن توجهه، لكن عندما تهمل فإنك ستفاجأ بالجريمة التي حصلت من الولد، لا حول ولا قوة إلا بالله، في هذه المرحلة الوالد فوت قضية التربية، ومن ثم يريد أن يوجهه، ولكن إن شاء الله وهو لا يعطيك وقتاً؛ لأنك ما أعطيته وقته في طفولته، حتى يعطيك وقتاً في شبابه، فهذه مرحلة قصيرة لكنها حرجة وحساسة، ويمكن أن تصنع شخصية الطفل حتى يكون رجلاً أو قائداً عسكرياً أو تاجراً، أي شخصية تريد أن تصنع من الطفل في تلك المرحلة.