للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الفراغ]

كذلك من أهم أسباب الانحراف: الفراغ: بعض الناس مادام مشغولاً فلا خطر عليه، لكن إذا تفرغ اشتغل والعياذ بالله بألوان المعاصي، الفراغ داءٌ يقتل الفكر والعقل والطاقة الجسمية، الفراغ أمر خطير، النفس بطبيعتها لابد لها من حركة وعمل، فإذا كانت النفس فارغة تبلد الفكر، وأصبح العقل ثخيناً، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وربما حدثت إرادات سيئة شريرة يقع بها شر كثير وانحراف خطير.

انظروا ماذا يجنيه الفراغ على شبابنا الفارغين في مجتمعنا هذا، وحينما نتكلم عن قضية لابد أن نتكلم عن واقعنا، نحن الآن لا نتكلم عن المريخ، أو نتكلم عن الشيشان أو واق الواق، نتكلم من أجل علاج مجتمعنا، الذين يقولون: إن مجتمعنا ليس فيه منكرات ولا مصائب ولا أخطاء، هؤلاء ينافقون ويداهنون ويضللون الأمة، والذين يقولون: مجتمعنا ليس فيه خير ولا بركة ولا مصلحة هؤلاء جاحدون أيضاً، مجتمعنا فيه خير وفيه شر، وما أقيمت المحاضرات والدعوة والندوات وطباعة الأشرطة، وتوزيع الكتيبات والأمور الدعوية، إلا لتنمية الخير والقضاء والإبادة على الشر بإذن الله عز وجل.

الدكتور ناصر العمر حفظه الله ينقل في محاضرة من محاضراته: أن دراسة أجرتها جامعة أم القرى عن كيفية صرف الشباب أوقاتهم، خذوا هذه النسب العجيبة، الذين يصرفون أوقاتهم لمشاهدة برامج التلفاز (٥٧%)، الذين يصرفون أوقاتهم لكرة القدم (٥٢%) الذين يصرفون أوقاتهم لاستماع الإذاعة (٣٢%)، الذين يصرفون أوقاتهم يتمشون بالسيارات (٣٢%) الذين يصرفون وقتهم بلعب الورق (٢٤%)، الذين يصرفون أوقاتهم بعلب الشطرنج (١٤%)، الذين يصرفون أوقاتهم يجلسون في المقاهي (١١%) الذين يصرفون أوقاتهم في الموسيقى (١١%)، الذين يصرفون أوقاتهم في الرسم (١٠%).

فبالله عليكم يا أيها الأحبة! ما الذي بقي للأعمال المثمرة الجادة التي تنفع الأمة وترد الأعداء؟ اجمع هذه النسب وانظر: ما هي البقية الباقية لشباب الأمة التي تفكر في طرد اليهود؟ ما هي البقية الباقية من الأمة التي تفكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ما هي البقية الباقية من الأمة التي سعت لتكون قيادات حضارية لأمة تواجه غزواً مستمراً من جميع الجوانب والمجالات والاتجاهات؟ كم عدد الأطباء، المهندسين، الطيارين؟ يبقون قلة قليلة مع الدعاة والعلماء والقضاة والولاة والمسئولين، لكن أغلبية ساحقة من شباب الأمة هكذا تضيع أوقاتهم، فإن كنا نرى هذا ولا يهمنا فتلك مصيبة، وإن كنا لا نستطيع أن نفعل شيئاً في مقاومات هذا السوس الذي ينخر في جذور الأمة وشبابها فتلك مصيبة أعظم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والعلاج أن نسعى جميعاً، أن نملأ الأوقات بما ينفعنا في قراءة، في تجارة، في دعوة، في أعمال، في كتابة، في بناء، في مهنة، في بناء، في صنعة، في حرفة، المهم لا يبقى شباب الأمة في فراغ.

إن الأمة لا ينفعها كثير من الهوايات التي طلبت لها المجلات والمسلسلات، إنها لا تستفيد منها شيئاً أبداً، وأكبر دليل على ذلك: إذا أمة من الأمم حشدت دولة على حدودها دبابات وجنود للقتل والقتال، انظر من يبرز لهؤلاء الأعداء، يبرز لها الرجال الصادقون الأشاوس، الجنود الأبطال، الدعاة والعلماء والمفكرون، وأما البقية الباقية:

فأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا حياتك لا نفع وموتك فاجع