للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الرؤيا والحلم]

روى البخاري ومسلم رحمهما الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان) وفي هذا دليل على ما ذكر، وهو أن الرؤيا من الله كلها خير، فقد تكون بشيراً بخير فيفرح المؤمن به، أو نذيراً عن شر فيتقيه ويبتعد عنه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الحلم من الشيطان) فليس معنى ذلك أن الشيطان يفعل شيئاً، ولكن معناه: أن خلق الرؤيا في قلب الإنسان في تلك الحال قد يكون بحضور شيطان وسروره بها فيما إذا كانت دليلاً على بلاء يحل بمسلم أو شرٍ يقع به.

فالرؤى الصالحة الصادقة هي من الله، وكثيراً ما وقعت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه من بعده ومن تبعهم من الصالحين إلى يومنا هذا، والغالب منها يقع على وفق ما جاء في المنام، وحسبكم -يا عباد الله- من الرؤيا الصالحة فضلاً وشرفاً أنها من أول ما بُدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي، فكان لا يرى شيئاً إلا جاء كفلق الصبح، وإنها لمن المبشرات بالخير أو من النذر عن الشر، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات قيل: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة) وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) ولا يمنع من كون الرؤيا الصالحة جزءاً من النبوة أن يراها الكافر أو الفاسق إذ أنهما تصدق رؤاهم في بعض الأوقات، ولكنها لا تعتبر وحياً ولا تعد من النبوة في ذلك، إذ ليس كل من صدق في حديث بغيب يكون خبره عن ذلك من النبوة.