للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ماشطة بنت فرعون]

أيها الأحبة هذه أنموذج لنا أن نسرده، وأن نبينه، وأن نقصه لبناتنا ونسائنا، وفي التاريخ من النساء الصابرات الصامدات الثابتات على الحق اللائي ابتلين بفتنة الموت في سبيل الله فثبتت على ذلك، ومن هذا ما يبينه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (كانت الليلة التي أسري بي فيها أتت علي رائحة طيبة، فقلت: يا جبريل! ما هذه الرائحة الطيبة؟ فقال: هذه رائحة ماشطة ابنت فرعون وأولادها، قال: قلت: وما شأنها؟ فقال: بينما هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقط المدرى -أي: المشط- من يدها، فقالت: باسم الله، فقالت ابنة فرعون: يعني أبي؟ قالت: لا، ولكن ربي ورب أبيك الله، فقالت: أخبره بذلك؟ فقالت الماشطة: نعم، فأخبرته، فدعا فرعون الماشطة فقال فرعون: يا فلانة! وإن لك رباً غيري؟ قالت: نعم.

ربي وربك الله، فأمر بتنور من نحاس، فأحميت ثم أمر بها أن تلقى الماشطة هي وأولادها في هذا التنور فقالت الماشطة: إن لي إليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام أولادي في ثوب واحد وتدفننا جميعا، قال: ذلك لك علينا من الحق، قال: فأمر فرعون بأولادها فألقوا بين يديها واحداً واحداً إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها رضيع، وكأنها تقاعست وأدركتها الشفقة لأجله، فأنطق الله رضيعها فقال: اقتحمي يا أماه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فاقتحمت) هذه قصة ثابتة في مسند أحمد رحمه الله، وسندها صحيح، نسوقها إلى كل فتاة مسلمة أن تنظر ما تلقى من بلاء وامتحان، وما تلقى تلك الماشطة الصابرة الثابتة من بلاء وامتحان.

ولها أيضاً في سمية بنت خياط، وفي نسيبة، وفي أم عمارة، وفي غيرهن من الصحابيات أسوة حسنة، تلك امرأة تمتحن بالقتل والإحراق بالنار في سبيل الثبات على دينها، فتختار نار الدنيا على نار الآخرة، وتختار أن تقتحم النار ثباتاً على دينها، وواحدة من بناتنا -يا عباد الله- تبتلى في أغنية فلا تصمد في هجرها، تبتلى في موضة فلا تصمد في مقاطعتها، تبتلى في شيء من هذه الأمور الحقيرة التافهة فلا تثبت فيها، ألا وإنا ننتظر من بناتنا وزوجاتنا ونسائنا توبة نصوحاً، وصلاحاً في الذات، وإصلاحاً لغيرهن، ونذكر الجميع بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا).

فالله الله يا عباد الله! وجهوا البنات والزوجات، والفتيات والأمهات، إلى طلب العلم بما تيسر من وسائله وسبله، وإلى حفظ القرآن والعناية بالسنة، وجهوا المرأة إلى الشريط الإسلامي استماعاً وتلخيصاً، وتكراراً وإهداءً وتبادلاً، وجهوا المرأة إلى الدروس الدورية النافعة في بيوتهن أو في المساجد، وجهوهن إلى ما يرضي الله عز جل، وجهوهن إلى الندوات والمحاضرات النافعة، فكم من رجل يحمل أولاده إلى أماكن ما يسمى بالفسحة، وقل أن يحملهم معه إلى محاضرة نافعة أو ندوة مفيدة، وإن على معاشر الأولياء، أن يعينوا الفتاة بأن تقيم في بيتها دروساً لها ولقريباتها ولجاراتها، ففي هذا نفع عظيم، واجعلوا من كل واحدة منهن قدوة حسنة عسى الله أن يكف بأس الذين ظلموا والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً:

رب البنات على الفضيلة إنها في الشرق علة ذلك الإخفاقِ

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ

الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيما إيراقِ

أسأل الله أن يثبت بناتنا ونسائنا، وأن يصلحهن، وأن يجعلهن لنا قرة أعين، وأن يعيننا على ما ولينا في شأنهن وتربيتهن والعناية بهن.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين.

اللهم من أراد بالمرأة المسلمة بهذه البلاد خاصة وفي سائر بلاد المسلمين عامة تبرجاً وسفوراً ورذيلة، اللهم افضحه على رءوس الخلائق، وأرنا فيه عجائب قدرتك، وعجل اللهم به بأسك وسخطك يا رب العالمين.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم ولِّ علينا خيارنا، واكفنا شرارنا.

اللهم اجمع شملنا، وولاة أمرنا، ولا تفرح علينا عدواً، ولا تشمت بنا حاسداً يا رب العالمين، اللهم اهد إمامنا وأصلح بطانته، وقرب له من علمت خيراً له ولإخوانه يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين في فلسطين وكشمير وأرومو، وإرتيريا، والفليبين، وفي طاجكستان وأفغانستان وسائر البقاع يا رب العالمين.

اللهم توفَّنا وأنت راضٍ عنا، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم يا حي يا قيوم، يا من لا يخيب سائله، لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مرضاً إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها، ولا غائباً إلا رددته، ولا تائباً إلى قبلته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا متزوجاً إلا ذرية صالحة وهبته.

اللهم صلِّ على محمد على آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.