للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسائل الإعلام وصدها عن التعدد المشروع]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واسمعوا قوله جل وعلا في مواطن عدة من كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

ويقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

معاشر الأحباب: مر بنا الحديث في جمعة ماضية عن غلاء المهور وما تسبب فيه من كثرة العانسات وبقاء كثير من النساء بلا زواج، ولعل من مكارم الشريعة التي سمت بها على جميع الشرائع؛ فاستحقت أن تكون ناسخة ومهيمنة على ما قبلها هو أمر تعدد الزوجات؛ ليكون حلاً لمثل هذه المشكلة، وفاتنا في الجمعة الماضية أن ننبه على أمر نراه بأعيننا، ونسمعه بآذاننا، ألا وهو أمر يصد عن ذلك، ويبين أن مكرمة الشريعة هذه هي مصيبة في هذا الزمان، وكل ذلك جهل وعدوان وبطلان، وأعني بذلك على وجه التحديد تلك الأفلام والمسلسلات التي يكون المُخْرِج فيها حاذقاً؛ ليبين أن الأسرة السعيدة انقلبت شقية مسكينة تعيسة، وتفرق الأولاد والبنات، وانقلب حال الأم من السعادة إلى الشقاء؛ بسبب أن رب الأسرة تزوج بزوجة ثانية.

ومن الذي قال إن الزواج هو سبب لشقاء البيوت وقلبها من السعادة إلى الشقاء، ومن النعيم إلى التعاسة، هل ورد ذلك في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهل جاء على لسان الخلفاء الراشدين أم الصحابة المهديين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؟! حاشا وكلا، إنما جاء به ضلال جهلة، يريدون أن يحاربوا شرع الله عن طريق إخراج هذه الأفلام، ويريدون أن يقولوا للناس: لا تتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، والله يقول: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:٣] يريدون أن يقولوا للناس: اتركوا بقية المطلقات والعانسات فرصة للذئاب الجائعين، والخبثاء المفسدين، الذين يعبثون بالأعراض يوم ألا تجد تلك الطائفة من النساء الأزواج لهن، يوم لا يجدن أزواجاً وبيوتاً يسكن إليها، وأمناً يطمئن فيه، ورحمة يتقلبن في نعيمها، ألا وإن تلك الأفلام ينبغي أن نعرف كل المعرفة -ولو رأيناها بأعيننا- أنها تصد عن شرع الله وتحارب قوله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.

ينبغي أن نعرف حق المعرفة أن دين الإسلام ما شرع شيئاً إلا والسعادة فيه، وما قرر أمراً إلا لمصلحة المسلمين أجمعين، لا لمصلحة طائفة على حساب طائفة، ويوم أن نعرف هذا حق المعرفة نعلم إلى أي مدىً ينشط أولئك الذين ينتجون تلك الأفلام، ليقدحوا وليشككوا الناس في شريعتهم.