أيها الأحبة! هل في الجنة ليل؟ هل في الجنة نهار؟ قال العلماء: ليس في الجنة ليلٌ ولا نهار، وإنما هم في نورٍ دائماً وأبداً، ويقول الله جل وعلا:{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}[مريم:٦٢] فهل يدل ذلك على أن في الجنة ليلٌ ونهار؟ قال العلماء: إنما هو نورٌ دائم وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب، ذكره ابن الجوزي.
ويقول ابن تيمية في هذه المسألة: الجنة ليس فيها شمسٌ ولا قمر، أين الشمس والقمر؟ يكونان ثورين يكوران في النار، الله أكبر هذه المخلوقات العجيبة أين تكون؟ هذه الجبال والشمس والقمر والسماء، الله أكبر! {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}[طه:١٠٥] تنتهي قبل بلوغ هذه المرحلة: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[النمل:٨٨]{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ}[المرسلات:١٠] هذه الجبال العظيمة الرواسي لو جمعت جيوش الأرض منذ أن قامت الساعة إلى يومنا هذا ليزيلوا جبال بقعة من بقاع الأرض ما أزالوها، لكن الله جل وعلا:{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}[القارعة:٥] ترى الجبال متطايرة كأنها الصوف المتطاير من شدة الهول: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}[الانفطار:١ - ٤]، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}[التكوير:١ - ٢].
كل هذه الكواكب وكل هذه الأفلاك، وكل هذه المخلوقات العظيمة التي هي أعظم من خلق الأرض ومن عليها وما فيها تتطاير وتنتهي وتزول حتى البحار تتفجر وتشتعل ناراً:{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير:٦] أي: تشتعل بالنار.
أيها الأحبة! قلنا: إن الشمس والقمر غير موجودين في الجنة أو لا يوجد ليلٌ ولا نهار وإنما هو نورٌ -كما يقول ابن تيمية - والجنة ليس فيها شمسٌ ولا قمرٌ ولا ليلٌ ولا نهار، ولكن يعرف البكور والعشي بنورٍ يظهر من قبل العرش.