للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[متى التوبة يا عباد الله؟]

إذاً: يا أحباب! متى نتوب إلى الله؟ متى نقبل على الله؟ ألا يكفيناً لهواً؟! ألا يكفيناً عبثاً؟! سمعنا من الأغاني ما الله به عليم، نبيل شعيل، عبد الله الرويشد، بشير شنان، وابن سعيد والرابع والخامس والعاشر، ثم يوم القيامة إذا سئلت: يا عبدي ماذا قدمت؟ ماذا تقول؟ يا رب! حفظت أربع أغانٍ لـ نبيل شعيل، أو يا رب! غيبت أربع أغانٍ لـ طلال مداح، أو يا رب! غيبت كذا لفلان، هل تسرك هذه الأغاني عند الله جل وعلا؟ في الدنيا لا تسرك، هل من الممكن الآن أن يصعد واحد من الشباب على هذه المنضدة، ويسمعنا أغنية لفلان أو علان، هل يرضى أن يغني أمامكم؟ لا.

لأنه يعرف أنه لا يغني أمام الرجال إلا إنسان مخنث.

نعم.

الذي يرضى أن يتراقص ويهتز ويطرب، هكذا أمام الرجال، هذا ناقص الرجولة، لا يرضى، لكن لو نقول: فلان تعال اقرأ قول الله جل وعلا: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣] جاء ووقف بكل عزة وبكل فخر ووقف بطوله وصدح: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأخذ يتلو.

إذاً القرآن عز، والدين كرامة، والاستقامة شرف، وأما الانحراف، فهو خزي وعار ومذلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فأسألكم يا شباب: هل هناك شيء يردكم ويمنعكم من أن تكونوا في عداد الصالحين؟ لو فكرنا، لوجدنا أن عندنا ذنوباً محدودة: سماع ملاهي، ربما تساهل بالصلوات، ربما وقوع في بعض المعاصي، القضية تريد إرادة قوية، فإذا جاء أصحاب السوء وجلساء السوء: يا فلان! اذهب معنا، يقول: لا والله، تريدون أن تتوبوا إلى الله، وتستقيموا إلى الله، وتمضوا على نهج الله، فأهلاً ومرحباً وحيهلاً، أما أن تريدونا أن نذهب ونرمي أرقاماً أو (نجعص)، أو (نجدع)، أو (جمس بند) أو (إحدى عشر)، أو (اثنان وعشرون) أو (تفحيط)، هذه والله ليست عندنا.

فحينئذٍ تدخل في سجل التاريخ، الدنيا مليئة بالبشر، لكن من الذي يعد من البشر؟ داعية، عالم، آمر بالمعروف، إمام عادل، عالم عامل، رجل نافع، هؤلاء يعدون، وينفع الله بهم.

إذا ما مات ذو علمٍ وتقى فقد ثلمت من الإسلام ثلمة

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمة

وموت فتىً كثير الجود محلٌ فإن بقاءه خصبٌ ونعمة

وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمة

وموت الفارس الضرغام الشجاع هدمٌ فكم شهدت له بالنصر عزمة

فحسبك خمسةٌ يُبكى عليهم وباقي الناس تخفيفٌ ورحمة

وباقي الخلق همجٌ رعاعٌ وفي إيجادهم لله حكمة

يا شباب! هل أنتم من الرعاع، أم أنتم من الأفذاذ والأبطال والرجال؟ أحسبكم وأتمنى وأرجو أن نكون وإياكم من الرجال الذين تفتخر بهم الأمة.

يا شباب! فليصارح كل واحد منكم نفسه، ماذا لو توفاني الله اليوم أو غداً؟ بماذا أقابل الله؟ يا شباب! فليصارح كل واحد نفسه، حينما توضع في قبرك، ماذا ترجو من أعمالك؟ يوم تقف بين يدي الله، ماذا تقول لله جل وعلا؟ يا عبدي! ألم أخلق لك عينين؟ هل نظرت بهما في ملكوت السماء؟ هل تدبرت في خلق الله، أم أطلقت عينك في المسلسلات والأفلام والمجلات؟ يا عبدي! خلقت لك أذنين تسمع بهما الحق، ونداء الحق، والأذان والخير، فلماذا سخرت هذه الأذن في سماع الأغاني والملاهي والمزامير؟ جعلت لك يداً ورجلاً، ماذا فعلت بها؟ مشيت بها إلى الحرام أم مشيت بها إلى المسجد؟