للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طريق الهداية وطريق الغواية]

ليس غريباً أن نجد شاباً منذ أن نشأ في حلقات تحفيظ القرآن، في المراكز الصيفية، في الجمعيات الشرعية والإسلامية، في الأنشطة الخيرية النافعة ليس غريباً أن تجد هذا الشاب بعد أن تجاوز العشرين خطيباً في منبر، أو داعية في مضمار، أو إماماً في خير، أو رئيساً في هدى هذا ليس بغريب؛ لأنه في البداية ماذا كان يزرع في أرض قلبه وأرض بدنه وفؤاده؟ كان يزرع حفظاً وقراءةً وتلاوةً، ومشاركات وأنشطة، وكان إيجابياً، وكان فاعلاً، وكان نشيطاً، فلا غرابة أن يكون اليوم بهذه النتيجة.

ولا غرابة أن تجد شاباً يوم أن كان في صغره سوقياً في عباراته، متسكعاً في جولاته وتصرفاته، دنيئاً في همته، خسيساً في نظراته وفكراته وخطراته، لا غرابة أن يكون في يوم من الأيام ساقطاً من الساقطين، تافهاً من التافهين، ضالاً من الضالين، كل من حوله يتبرأ من ضلاله ويدعو عليه ويسأل الله أن يريح المسلمين من شره.

لا غرابة إن كان هذا منحرفاً مفسداً مؤذياً؛ لأن تاريخه الماضي كان في ضلالة وانحراف، ولا غرابة أن يكون الأول إماماً وهادياً ونافعاً؛ لأن تاريخه الماضي -بإذن الله وتوفيقه وحماية الله له وليس بنفسه ولا بحوله ولا بقوله، حتى لا يغتر الإنسان بنفسه- لأنه كان في ما مضى في محاضن خير وفي رياض علم وهدى وتقوى.

فيا أيها الحبيب! كل شاب فيكم الآن بإمكانه أن يختار، أنت تستطيع أن تحدد الغاية، كما أن بوسعك أن تختار أن تمشي من هذه المنصة أو من هذا المكان إلى السور هناك، وبوسعك أن تختار أن تمشي من هنا إلى نهاية البلاط القريب، فأنت بوسعك أن تختار أن تكون -بإذن الله- إماماً في الهداية، وبوسعك أن تختار أن تكون إماماً في الضلالة كيف يكون هذا؟ بمبادرتك الآن في شبابك، كما تفعل وقت الزراعة، ووقت الغرس والبذور.

ومن زرع البذور وما سقاها تأوه نادماً وقت الحصاد