للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[همسة صراحة وعتاب]

وكلمة مودة وعتاب، وهمسة صراحة نقولها لأولئك الذين يسافرون بالنساء والبنات، بالزوجات والأمهات، والصغيرات والكبيرات، ويرون أن هذا صورة من صور التقدم والوعي والمدنية والحضارة: ما ضَرَّ أَمَةً من إماء الله عفيفة شريفة حيية متحجبة تغض طرفها، لا تخضع بصوتها ما ضرها أنها لم تعرف شيئاً عن تلك البلدان، ولكن ضَرَّ فتاة من إماء الله أن رأت مشهداً احتقرت به زوجها، أو رأت صورة أبغضت فيه بلادها، أو جلست مجلساً كرهت فيه دينها، أو ارتكبت ما حرم الله عليها، أو عادت إلى بلادها وكأنها تعود من حرية السماء إلى سجن الأرض.

إن كثيراً من الناس يجنون على بناتهم ونسائهم، ولا تقولوا: لن يقع فقد وقع، والشواهد كثيرة، أناس ينهون عن الحق وينأون عنه، لا يكتفون في سياحتهم بفساد أنفسهم بل يسافر الواحد منهم ثم تنتهي الرحلة مع الأهل والزوجة والأسرة في مطار لندن أو باريس، ثم يشق طريقاً منفرداً له، وتشق الأسرة طريقاً آخر منفرداً لها، فلا تسأل عما يفعل، ولا تسل عما يفعلون أو يُفعَل بهم! أيها الأحبة! نقولها وقلوبنا يعتصرها الأسى غيرةً وحباً وشفقةً لإخواننا الذين ضاقت بلاد التوحيد بأطرافها أن تستوعب مراح قلوبهم وفساح أفئدتهم؛ لكي يبحثوا عن السياحة في بلدان أخرى، فلنكن صرحاء: إن كانت السياحة بحراً؛ ففي بلادنا بحار.

وإن كانت السياحة جبلاً؛ ففي بلادنا جبال.

وإن كانت السياحة رملاً؛ ففي بلادنا رمال.

وإن كانت السياحة هواءً عليلاً ومواقع في جبال شاهقة؛ ففي بلادنا كذلك.

وإن كانت السياحة خلاعة تُعْرَض، أو خموراً يؤذن بها، أو دعارةً مقننة، أو سينما يحميها النظام والقانون؛ فهذا هو بيت القصيد! والآن جاءت المسألة! من أراد السياحة فليسأل نفسه؛ إن كان جاداً يريد أن يغير شيئاً من مكانه فسيجد بنصف تكلفة سفره داخل بلاده إن شاء في الشمال أو في الجنوب وإن شاء في الشرق أو الغرب؛ لكن لن يرى صليباً يُعْبَد، ولن ينقطع الأذان عن مسمعه، ولن يرى فواحش جهاراً نهاراً، أو كبائر إلا الربا، فأقول: خير لك أن تقضي سياحة إجازتك أو إجازة سياحتك في حدود بلدك، ففيها إثراء للقوة الاقتصادية في الداخل، وفيها حفظ لدينك ولدنياك، وحفظ لأهلك ولزوجتك، ولعل إقدام الكثيرين على السياحة داخل بلادهم يجعل المسئولين يعملون جادين في تطوير برامج السياحة في الداخل بما لا يحدث فتنة أو ينشر فساداً.