للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أسباب الهلاك: وجود أئمة الضلال]

من المصرين على الهلاك أولئك الذين يَضلون ويُضلون وينهون عن الحق وينئون عنه، أولئك الذين يحملون أوزارهم ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون، مجموعة علمانيون يجلس بعضهم يقول: اللحى سبب التخلف الثياب القصيرة سبب التخلف من يوم نظرنا هؤلاء (المطاوعة) ونحن نرجع عشر سنين إلى الوراء، يا أخي الحبيب! ولو حلق الناس لحاهم هل يستطيعون صنع طائرة؟ لو أسبل الناس ثيابهم هل يصنعون صاروخاً؟ سبحان الله! كأن اللحى هي التي منعت التقنية والتطور، كأن اتباع السنة في الثياب هو الذي منعنا من التقدم، وكأن بيننا وبين أن ننافس في صناعة القنبلة الذرية إلا أن نشتري في كل بيتٍ طبلةً وعوداً وبثاً مباشراً، سبحان الله العلي العظيم! إذا كان -كما يقول العلمانيون وأذنابهم- هؤلاء المتدينون المتشددون المعقدون هم سبب التخلف والتمدن، ففي المقابل سيكون الفن والسينما وما أدراك ما تحت هذه الأسماء من أسباب التقدم، هل رأينا شيئاً؟! الدول تدخل في حروب فحينما يشتد حمى الحرب، فهل نذهب ونرسل ثلاثين فناناً وثلاثين طبالة على الحدود من أجل أن يرجع العدو؟! لا.

لا ينفع إلا جندي في قوة، ويقاتل على عقيدة وفي سبيل الله، وعالِمٌ يثبت بقال الله وقال رسوله، ويعد الناس إن صدقوا وجاهدوا لتكون كلمة الله هي العليا بالجنة، هذا الذي يدفع عن البلاد الشر.

أحياناً أجلس في مجالس وقد لا أعرف فيها، بل أُعد من عامة الناس بفضل الله جل وعلا، أحضر مجلساً بدون (بشت) وبدون شيء وأجلس، وأستمع فيأتيك شخص يقول: والله -يا أخي- هؤلاء المعقدون هؤلاء (المطاوعة) والله لا يدرون ما في الدنيا، هؤلاء الملتحون هم سبب التخلف، أقول: الذين عصوا وعاندوا هل هم الذين قدموا للأمة الخير؟ ماذا قدم مجموعة من أولئك الذين أخذوا ينتقدون الدين والمتدينين والأصوليين ولا همَّ لهم إلا: الهيئة فعلت الهيئة طاردت الهيئة لاحقت شخصاً، والهيئة شخص قفز من السور ومات، والهيئة والهيئة؟! يا أحباب: هل تظنون أننا إذا حلقنا لحانا سوف نتقدم؟! وهل إذا أسبلنا الثياب سوف نتقدم؟! وإذا عصينا الله سوف نتقدم؟ والله ما يزيدنا ذلك إلا هلاكاً: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].

قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) لقد عرفنا أناساً أهل ذنوب ومعاصي لكن إذا تلكم علماء الدين والشباب الذين يدعون إلى الدين ورقعته قبلوا ذلك، نعم.

سيجارته في جيبه لكن كل شيء يهون إلا الدين فلا يترك أحداً يتعرض للدين وأهله، أنا صاحب معصية لكن إياك أن تتعرض للدين! فهذا ترجو له خيراً عظيماً، فذلك العاصي الذي يحب الصالحين ويحب الدعاة وأهل الخير، تسأل الله له بحبه الصالحين أن يمن عليه وأن يرزقه ويستر عليه، وأن يعينه ويعافيه ويهديه إلى التوبة، وربما يأتيك إنسان قد يكون ربما أقل ذنوباً ومعاصيَ، لكن يكره شيئاً له دين ومتدين، وكلمة حق، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، هذا فليبشر بالفضيحة، وليبشر بالمصيبة: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).

اللهم من أراد بنا فتنة فأشغله في نفسه، اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله بنفسه، اللهم من أراد بنا وبعلمائنا وولاة أمرنا وحكامنا هلاكاً فأشغله بنفسه، اللهم اجمع شملنا وعلماءنا ودعاتنا وحكامنا على طاعتك، اللهم لا تفرح علينا عدواً، ولا تشمت بنا حاسداً، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك بأعداء الصالحين، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم من افترى عليهم فأخرس لسانه، وعطل أركانه، وأهلك بنانه ولسانه يا رب العالمين! اللهم إنك قلت: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) اللهم من عادى الصالحين بغضاً فيهم ومن عادى العلماء كرهاً لهم، ومن عادى الدعاة أشراً وبطراً وكبراً، اللهم أهلكه وخذه أخذ عزيزٍ مقتدر، عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! إنهم لا يعجزونك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام! ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين وصلى الله وسلم على محمد.